إنهم بطبيعة الحال يضاق بهم كل ذرع ، حيث تضيق على لوط كل المجالات للحفاظ عليهم ، إذ جرب قومه أنهم هارعون لا يسدهم صاد ، ولا يصدهم ساد عما هم إليه يهرعون ، إذا :
(وَجاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ قالَ يا قَوْمِ هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللهَ وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ)(٧٨).
الهرع هو السوق بعنف وتخويف ، ف (يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ) بمعنى يساقون إليه بعنف وتخويف ، وتجهيل الفاعل ـ وكأنه غيرهم ـ تبيين لخطر الموقف كأنهم يساقون إليه دونما إختيار منهم ، والفاعل بطبيعة الحال هو الشره الغالب والفرح المتآلب وكأنهم ساقطون في أيديهم ، منساقون إلى ما يهوون.
(وَمِنْ قَبْلُ كانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ) كلّها ، هار عين إليها غارقين في أغوارها ، وهذا هو الذي ساء لوطا بضيوفه وضاق بهم ذرعا ، متوقعا يومه العصيب.
لقد رأى لوط حمى حارقة من شهوة الجنس ووطأته في وجنات قومه الهارعين إليه ، المندفعين إلى داره ، يتهددونه في ضيفه بكرامته ، فحاول في إيقاظ فطرهم ، إيعاظا لحاجتهم الطبيعية المشروعة ، ولم تكن حاضرة اللحظة الخطرة المستعجلة إلّا بنات له غير مزوجات فعرضهن للزواج (١) بديلات عن ضيفه ف : (قالَ يا قَوْمِ هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ) من أولاء الذكور ، تنازلا في أصل الطهارة (فَاتَّقُوا اللهَ) عن دنس اللواط المحرم في شرعة الله وشرعة الإنسان السليم ، (وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي) كمحظور ثان (أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ) بأي رشد وإن كان إنسانيا مهما لم يكن شرعيا.
__________________
(١) نور الثقلين ٢ : ٣٧٩ عن الكافي عن علي بن إبراهيم بسند متصل عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول لوط (عليه السلام): (هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ) قال : عرض عليهم التزويج.