فليس فقط السعي في الإفساد في الأرض محظورا ، بل والإفساد بأي بخس في أي من الأشياء على أية حال محظور.
ولأن الأصل في الفساد والإفساد العقيدي هو الإشراك بالله ، ثم من الأصل فيهما جماعيا هو البخس في المكيال والميزان كما في قوم صالح حيث تعودوا عليه ، لذلك هما يتقدمان على كل فساد وإفساد في الأرض كرأسي الزواية فيهما.
أجل ، وللانحراف والظلم الاقتصادي موقعه العظيم العميم في سائر الإفساد في الأرض حيث يهلك الحرث والنسل ، ولأن صالح الإقتصاد هو الحاجة الحاضرة للجميع ، فقد يؤثر صالحه وطالحه ويعكسان على المجتمع برا وفاجرا.
فالقضية هنا هي قضية الأمانة والعدالة بعد قضية العقيدة ، أم هي قضية الشريعة وكل الصلات بين المكلفين بها ، التي تنبثق من أصل العقيدة التوحيدية ، فنقص الناس في المكيال والميزان ، وبخس الناس أشياءهم بسرقة أو اغتصاب أم أية حيلة معاملية وسواها ، إنها تنافي قضية صالح العقيدة ، حيث المفروض أن تنعكس العقيدة على الأعمال فلا تظل صورة خيالية لا خبر عنها في الواقع المرام.
فالأصل الذي تتبناه الحياة السعيدة بكل حقولها الصالحة هو صالح العقيدة ، وليس ما يهرفه أصحاب المذاهب الوضعية من تبعية الأخلاق والعقيدة للعلاقات الاقتصادية ، أو الجنسية أماهيه من علاقات غير عقيدية.
هذه تصرفات شرّيرة مهما خيل إلى أصحابها أنها خيّرة حيث الأكل بالباطل لا يكلف سعيا وراء الحاجات والحاجيات ، وحتى إذا كانت خيرة ف :
(بَقِيَّتُ اللهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (٨٦)).
أنتم تتفكرون أن بقية نقص المكيال والميزان وبخس الناس