ثم ولا تعني (عَلَى اللهِ رِزْقُها) واسعة ، وإنما هو القوت بقية على حياتها ، وذلك موسع على كافة الفقراء ، ولا أقل من حشاش الأرض التي فيها بقية الحياة مهما كانت صعبة ملتوية.
(وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) (٧).
آية وحيدة منقطعة النظير في صيغة التعبير عن مرحلتي الخلق الأوليين ، حيث الثانية تتبنى الأولى كما تتبناها الثالثة وعلى طول الخط.
هذه الآية قد تتحدث عن المادة الفردة الأولى ، أو الخلق الأول : «الماء» حيث (كانَ عَرْشُهُ) في (خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) (عَلَى الْماءِ) ، حين تعني «عرشه» بناءه تعالى في خلقهما ، وقد يعني معه كانت سلطته التدبيرية (عَلَى الْماءِ).
لقد تحدثنا في قول فصل عن خلق السماوات والأرض في ستة أيام على ضوء آياتها ، ففصلناه في «فصلت» والبقرة والنازعات وما أشبه ، وما فصلت في «فصلت» هي أفصل وأحصل رغم أنها أعضل مما سواها ولكنها أفضل تبيانا.
وهنا نتحدث عن ذلك «الماء» الذي هو مادة خلق الأرض والسماء ، بكل إمعان وإتقان وعن (عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ) والله هو المستعان فعليه التكلان.
العرش هو كسائر اللغات المشتركة الاستعمال بين الخلق والخالق ، هنا تجرّد عن المعاني الخلقية ، وتختص بما يناسب ساحة الربوبية ، فقد تعني هنا مستقر سلطته تعالى ، وقد جاءت العرش ـ أيضا ـ بمعنى البناء العال ك (مِمَّا يَعْرِشُونَ) (١٦ : ٦٨) و (ما (١) كانُوا يَعْرِشُونَ) (٧ : ١٣٧) فقد كان بناءه تعالى حين خلق السماوات والأرض على الماء ، أم وسلطته ، وهما هنا بمعنى واحد هو أن مادة خلقهما كانت هي الماء.
ومن ثمّ عرش ثان هو لإدارة شئون السماوات والأرض كما (خَلَقَ