عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (١٠٨) وَاتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ) (١٠٩)
(فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ)(٩٤).
أترى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان أو أمكن أن يكون في شك مما أنزل إليه؟ حتى يخاطب هكذا أمام العالمين ، ومنهم المرتابون في أمره ، المكذبون إياه؟ أم هل يرتاب ، وكيف يجوز عليه الشك والامتراء وقد باشر فؤاده برد اليقين ، تلقيا عن الله بما أنزل به الروح الأمين على قلبه ليكون من المنذرين بلسان عربي مبين؟! والشاك في وحي القرآن ليس مؤمنا فضلا عن يكون نبيا هو إمام كافة النبيين؟!.
فهل المخاطب هنا هو النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ فليس في شك فيما أنزل الله عزّ وجلّ إليه! وإن كان المخاطب به غيره؟ فإلى غيره إذا أنزل الكتاب! فقد يكون الشك في أصل نزول الوحي إليه لأنه بشر يأكل ويمشي في الأسواق ، أمام المجاهيل الذين يتساءلون كيف ينزل الوحي على بشر (١).
ثم (أَنْزَلْنا إِلَيْكَ) لا تختص بمنزل الوحي الرسولي ، فقد يعني منزله الرسالي من المرسل إليهم وكما (يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً) (٤ : ١٧٤) فكما (قَدْ أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً رَسُولاً) (٦٥ : ١٠) كذلك (أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً) مهما اختلف إلى عن إلى : ف (قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ
__________________
(١). وهذه من شطحات الحداد البيروتي في ١ : ١٧٩ ـ القرآن والكتاب حيث يقول : إذا شك محمد فليسأل علماء الكتاب ، أليس هذا دليلا على أنهم اساتذته ، أجل فإحالة محمد نفسه على أهل الكتاب ليزيل شكوكه عندهم دليل قاطع لا مرد له أنهم اساتذته ومدرسوه.