ذلك ، فبين محتملات عدة في المعني من الآية كيف يتمسك بأردئها المناحر لنفس الآية وأضرابها من عدة جهات ، فرضا له ورفضا لما سواه من محتملات صالحة إلى ذلك الطالح الكالح؟!.
(وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخاسِرِينَ)(٩٥).
وموقف (لا تَكُونَنَّ) هو الموقف ل «وإن كنت في شك» على سواء ، فالنقد والجواب كما النقد والجواب على سواء ، وهذه الآية تتطلب الإيقان من أي مخاطب بها بآيات الله فهو من الرابحين ، كما والشك فيها يجر إلى تكذيب فخسران مبين.
(إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ (٩٦) وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ)(٩٧).
(حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ) ألا يؤمنوا فيعذّبوا لأنهم يعاندون الحق وهم يعلمون ، فهم ـ إذا ـ (لا يُؤْمِنُونَ) حتى (وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ) إذ تصلبت قلوبهم وصلبت حيث ختم الله عليها بما كانوا يكفرون ، فهم (لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ) فيؤمنوا ولات حين مناص وقد فات يوم خلاص :
(فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ)(٩٨).
(فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها) إثقال في التأنيب والتعييب على القرى الكافرة التي لم تؤمن عند رؤية العذاب ، أم آمنت فلم ينفعها إيمانها إذ كان مخافة البأس دون مخافة الله ، اللهم (إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا) فنفعهم إيمانهم إذ آمنوا حقه بالله مهما كان بملابسة العذاب ، فليس الإيمان عند رؤية البأس غير نافع إلّا لكونه منبعثا عن البأس : (فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ. فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا سُنَّتَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ) (٤٠ : ٨٥).