والإختلاف «إلى» أو «ل» وما أشبه هو من الأوّل ، والمجرد عن الظرف يحتملهما إلّا أن يتعين أحدهما بقرينة أخرى ك (اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) فانه من الأول (وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ) حيث هو من الثاني.
فليس مجرد «الإختلاف» دليلا على أحدهما حتى يقال : «اختلاف أمتي رحمتي» هو اختلاف المذاهب؟ فإنه خلاف الرحمة : (وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ. إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) (١١ : ١١٩).
(وَما خَلَقَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) بما خلقها وهو عبارة أخرى عن خلق كل شيء «لآيات» دالات على النظام المقصود بربوبية قاصدة (لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ) المحاظير ، فحين تدل طبيعة الحال في الكون المنضّد المنظوم على أن وراءه منضّد ومنظّم ، فنكران وجوده تعالى خلاف التقوى ، وهو من الطغوى ف (ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ. ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ) (٦٧ : ٤).
فحين يقف الإنسان لحظات يراقب أمامه من (ما خَلَقَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ويستعرض ذلك الحشد العظيم الحاشر الذي لا يحصى من مختلف ألوان الخلق ، يمتلئ مستفيضا بما يغنيه ويعنيه من الحياة الإنسانية.
(إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا وَرَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَاطْمَأَنُّوا بِها وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا غافِلُونَ (٧) أُولئِكَ مَأْواهُمُ النَّارُ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ)(٨).
آيات اللقاء الأربع والعشرون هي بين «لقاءنا» كما هنا و «لقاءه» و (بِلِقاءِ اللهِ) و (بِلِقاءِ رَبِّهِمْ) و (لِقاءِ الْآخِرَةِ) و (لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا) و «لقاءنا» أشمل عناية لمعاني اللقاء من الكل لمكان الجمعية التي تعني لقاءه المعرفي والعبودي ولقاءه في العمل المرضي له ككل ، فلقاء الزلفى هنا ، ثم لقاءه معرفة زائدة وعبودية زائدة وزلفى زائدة ، وجزاء للأعمال في الأخرى.