ثم (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) هي ضابطة شاملة لا تختص بالصلوات ، بل هي كبيرة الحسنات إيجابية كما الصلاة وسلبية كترك كبائر المنهيات و «يذهبن» بين دفع ورفع السيئات ، حيث تكون الحسنات أقوى من السيئات ـ دفعا ورفعا ـ فلتكن المذهبة منها للسيئات أقوى منها ، وإلّا فكيف يذهبها (١)؟.
وهنا «السيئات» هي صغائر المعاصي أم والتي تتغلب عليها الحسنات ، فليس أن الحسنات أيّا كانت هن يذهبن السيئات أيّا كانت ، كأن تأتي بحسنة مستحبة فترجو أن تذهب سيئة كبيرة ، حيث الكفاح الصارم هو شرط الإذهاب في ذلك الميدان.
ذلك ، وكما أن الحسنات يذهبن السيئات شرط كونها أقوى منها ، كذلك السيئات يذهبن الحسنات شرط كونها أقوى منها ، تحابطا من الجانبين دون تهافت ، ثم تبقى الحسنات والسيئات المتكافئة غير المتكافحة فلا تحابط ـ إذا ـ في البين ، وقد تدل آيات إحباط الإشراك وما أشبه ـ كلّ الحسنات ـ على عكسية هذه القاعدة (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) بأن السيئات يذهبن الحسنات.
ذلك ، فما دون الزنا من سائر الرباطات مع أجنبية تذهب بالصلوات وكما في حديث الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) سنادا إلى هذه الآية (٢).
__________________
(١) الدر المنثور ٣ : ٣٥٤ ـ أخرج ابن مردويه عن عقبة بن عامر عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : مثل الذي يعمل الحسنات على أثر السيئات كمثل رجل عليه درع من حديد ضيقة تكاد تخنقه فكلما عمل حسنة فك حتى يحل عقده كلها.
(٢) الدر المنثور ٣ : ٣٥٢ ـ أخرج ابن حبان عن ابن مسعود قال قال رجل يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إني لقبت امرأة في البستان فضممتها إلي وقبلتها وباشرتها وفعلت بها كل شيء إلا أني لم أجامعها؟ فسكت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأنزل الله : (وَأَقِمِ الصَّلاةَ ... إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) فدعاه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقرأها عليه فقال عمر يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : أله خاصة؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : بل للناس كافة ، أقول : وقد ـ