الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرِضْوانٌ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ)(٥٧ : ٢٠).
(أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها) : لبست زينتها بألوان الأزهار وأصابيغ الرياض ، كما يقال : أخذت المرأة قناعها وسائر زينتها.
هنا «ماء وغيث» مثل لأصل الحياة الإنسانية وما أشبه لعامة المكلفين ، النازلة من سماء المشية الربانية إلى أرض الحياة الدنيا الدنية (فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ ..) خلطا للروح بالبدن في أرضه فإنه نبات من الأرض : (وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً) (٧١ : ١٧) (حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ) البدن بحاجياتها «زخرفها» على ضوء الروح الحياة «وازّينت» بها (وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها) غير مغادرين عنها (أَتاها أَمْرُنا) بتدميرها بعد تعميرها (لَيْلاً أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً) يحصد (كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ) إقامة طائلة في الحياة الأرضية بالأمس القريب «كذلك» البعيد المحتد والمدى ، القريب الهدى (نُفَصِّلُ الْآياتِ) المذكرات (لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) في هذه الحياة.
تلك هي الحياة الدنيا الزهيدة الدنية «فازهدوا فيما زهدكم الله عزّ وجلّ فيه من عاجل الدنيا» (١) «فاجعلوا عباد الله اجتهادكم في هذه التزود من يومها القصير ليوم الآخرة الطويل ، فإنها دار عمل والآخرة دار القرار والجزاء فتجافوا عنها ، فإن المغتر من اغتر بها ، لن تعدوا الدنيا إذا تناهت إليه أمنية أهل الرغبة فيها المحبين لها ، المفتونين بها أن تكون كما قال الله : كماء أنزلناه من السماء ..» (٢).
__________________
(١) نور الثقلين ٢ : ٢٩٨ في روضة الكافي كلام لعلي بن الحسين (عليهما السلام) في الوعظ والزهد في الدنيا يقول فيه : فازهدوا .. فإن الله عزّ وجلّ يقول وقوله الحق : إنما مثل الحياة الدنيا ...
(٢) المصدر خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) وفيها : فاجعلوا عباد الله ... كما قال الله عزّ وجلّ : ...