والبغي متعديا بنفسه هو الطلب ، والبغي «على» هو الطلب الظالم ، ف (بِغَيْرِ الْحَقِ) تأكيد بأنه غير الحق كما في (يَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِ) أم وتقييد له بالمتعدي ب «على».
أجل (إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ) لزاما ، حيث المبغي عليه ينجو منه حين يرجعون إلى الله وفي هذه الدنيا ، ولكنا الباغي باق على نفسه بغيه ، لا يدعه حتى يقتص منه وكما
يروى «ثلاث يرجعن على صاحبهن : النكث والبغي والمكر ..» (١) وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ثلاث هن رواجع على أهلها المكر والنكث والبغي ، ثم تلا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) آيات ثلاث تالية (٢).
ذلك وقد يلمح (إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ) طليقة ولمكان «على» أنه «لا يؤخر الله عقوبة البغي» (٣) ، وانه مشهد شامل كامل آهل بالشهود إذ لم تفتأ منه حركة ولا خالجة ، إنه مشهد نفسية الإنسان مع الحوادث
__________________
ـ ثلاث خصال مرجعها على الناس في كتاب الله : البغي والمكر والنكث قال الله : (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ) وقال : ومن نكث فإنما ينكث على نفسه ، وقال : ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله ، وقد بغيا علينا ونكثا ومكرا بي.
(١) نور الثقلين ٢ : ٢٩٨ في تفسير العياشي عن أبي عبد الله (عليه السلام) : ثلاث ...
قال الله : (يا أَيُّهَا النَّاسُ ..).
(٢) الدر المنثور ٣ : ٣٠٣ عن أنس قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
(٣) الدر المنثور ٣ : ٣٠٣ ـ أخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لا يؤخر الله ... فإن الله قال : (إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ) وفيه أخرج البيهقي في الشعب عن أبي بكر قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ما من ذنب أجدر من أن يعجل الله لصاحبه العقوبة من البغي وقطيعة الرحم ، وفيه عنه (صلى الله عليه وآله وسلم): لو بغى جبل على جبل لدكّ الباغي منهما ، وفيه أخرج أبو نعيم في الحلية عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام) قال : ما من عبادة أفضل من أن يسأل ، وما يدفع القضاء إلا الدعاء وان أسرع الخير ثوابا البر وأسرع الشر عقوبة البغي وكفى بالمرء عيبا أن يبصر من الناس ما يعمى عليه من نفسه وأن يأمر الناس بما لا يستطيع التحول عنه وأن يؤذي جليسه بما لا يعنيه.