البادية وعصابات سوء ومنهم ... طعامهم الجوع : من ورق الأشجار ولحاءها.
فالصورة مخيفة مثيرة لمعدن الغيرة المحمدية ، فهو ـ إذا ـ مستعد لتصفية الجو ، مستمدا من وحي الرحيم الرحمان (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)؟.
ذلك عمر من قبل الرسالة ، حارسا على هذه الأحوال الأهوال ، غير دارس في المدرسة المكية ولا قارئ ، حيث لا دراسة ولا قرائة ، اللهم إلّا تكلبات وهمجيات ، وتصلبات على جاهليات ، ثم طلع طلوع شمس الرسالة الأخيرة من مشرق أم القرى ، مشرقة على كافة العقول والقلوب ما لم يأت له مثيل.
(فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ)(١٧).
فالمفتري على الله كذبا أنه أوحي إلي ولم يوح إليه بشيء ـ : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ) (٦ : ٩٣) ـ إنه من رؤوس زوايا الظلم.
وكذلك الذي (كَذَّبَ بِآياتِهِ) رسولا يغير وحي الله ، يغيره أو يبدله من تلقاء نفسه ، أم غيره من هؤلاء الذين يكذبون بآيات الله ، أم يفترون على الله أنه لم يوح بشيء : (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ) (٦ : ٩١) ـ (إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ) وقد أفلحت أنا حيث قمت بأمر هذه الرسالة القمة الشاملة لوحدي وأخذت تنمو وتربو ، فلو كنت مجرما في دعوى هذه الرسالة ، أو كنت أجرمت في رسالتي على الله لكان الله يأخذني باليمين قضية ضرورة الحكمة الربانية ، وصدا عن الإغراء بالجهل : (فَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ. وَما لا تُبْصِرُونَ. إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ. وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلاً ما تُؤْمِنُونَ. وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ. تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ. وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ. لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ. ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ. فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ) (٦٩ : ٣٨ ـ ٤٧).