إجابات أخرى عن شطحاتهم المقترحات (قُلْ لَوْ شاءَ اللهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ ..) ف «لو» تحيل إيجابية المشيئة الإلهية في عدم تلاوته عليهم ، تأشيرا عشيرا بواجب هذه التلاوة الرسالية ، فإن طبيعة وحي القرآن هي الجماهيرية الشاملة كل المكلفين ، كيف وهذه التلاوة هي أصل الرسالة وأثافيّها بعد التوحيد : (إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَها وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ. وَأَنْ أَتْلُوَا الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّما أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ) (٢٧ : ٩٢) ـ
ثم (وَلا أَدْراكُمْ) الله «به» أنه منه بآياته الدالة عليه وأنه ما هو رضاه منكم (١) فقد أدراكم به كأصل بما تلوته عليكم ، وكفرع بما علمتكم إياه ، فمشية الله في تلاوته عليكم وأنه أدراكم به هما دليلان باهران على أنه هو الهدى دون سواه ، غيارا به أو تبديلا له ولا كلمة واحدة.
ومن ثم يجتث جذور افترائه إياه على الله بعد شهادة آياته أن (فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ) أمينا لا أخونكم أفا خون بعد ذلك العمر ربي؟ و (عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ) لا أدري منه شيئا ولا تعلمت من أحدا علما فكيف جئت بهذا القرآن العظيم من تلقاء نفسي؟.
فإن كان القرآن من عند الله كما تشهد آياته فكيف آتي بقرآن غير هذا أو أبدله (قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي ..) ولو كان من تلقاء نفسي فلي أن آتي بغيره كما أتيت به أو أبدله وان افتريه على ربي (فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ).
فقد استأصلت هذه البراهين الباهرة الساطعة كل جذور التشكيكات حول كيان القرآن ، أنه من تلقاء نفسه (صلى الله عليه وآله وسلم) فليغيره أو يبدله ، أم من عند الله فليجبنا في اقتراحنا إن كان أنزله لصالحنا ،
__________________
(١) المفعول الثاني ل «أدراكم» محذوف معروف من سوق الكلام أنه تعالى أدراكم كيان القرآن وأدراكم شرعة الحق فيه ، أدراكم به ، فإن برهان البراهين كما وانه برهان على رسالة من جاء به «يس. وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ. إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ».