ذلك ، فالركون إلى الظالمين في أي ركن من الأركان الحيوية ، عقيدية أو ثقافية أو أخلاقية أو سياسية أو اقتصادية أو عسكرية أم جماعية ، إنه ركون إلى النار ، وفي حين أن كتلة الإيمان مأمورة بكل تأكيد بمجابهة الظلم على أية حال ، فكيف يسمح لها أن يركن إلى الظالمين على أية حال ، مهما كان تذرعا إلى خير فضلا عما سواه.
فكما الآية السالفة نهت عن الطغيان وهو ظلم أيا كان ، فهذه تنهى عن الركون إلى الظالمين توحيدا لركن الإيمان بالله دون أي دخيل ، وهما من أركان الاستقامة فردية وجماهيرية في حقل صالح الإيمان.
وهنا المعني من (الَّذِينَ ظَلَمُوا) ليس كل ظلم من أي ظالم وإن أتى بصغيرة ، وإلّا لانفصمت كافة الرباطات والتعاونات بين المسلمين أنفسهم فضلا عنهم بالنسبة لمن سواهم ، وإنما القصد من (الَّذِينَ ظَلَمُوا) هم من طراز من ذكروا من ذي قبل من الكفر والتكذيب بآيات الله ، مهما شملت بضمنهم كل الظالمين ، فيترك الارتكان إليهم قدر الإمكان.
فلقد قص الله قصص أمم سلفت وانقضت في خضمّ تاريخها السيء الأسود كقوم نوح ، وعاد وثمود وقوم لوط وشعيب وفرعون وقوم الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وهم كلهم كفرة مكذّبون معاندون ، عبّر عنهم بالظالمين : (وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا) ـ (وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ) ـ (وَقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) ـ (وَما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ).
ذلك ، وكما أن المخاطبين ب (لا تَرْكَنُوا) هم المؤمنون بهذه الرسالة السامية ، فهلا يركن ـ إذا ـ بعضهم إلى بعض؟ اللهم إلّا الظالمين منهم الذين يعملون أعمال هؤلاء الكافرين.
ثم (فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ) ليس إلّا وعدا للكفار أمّن يركن إليهم من المؤمنين ، مهما شملت الآية ضمنيا أم بإطلاقها كل ركون إلى أي ظالم ، ولكنه ليس إلّا في ظلمه.
فحين تركن في حقل المال إلى مؤمن مأمون على الأموال ، ولكنه قد؟؟؟ يفسق في غير حقل المال فهل أنت مشمول لهذه الآية؟.