ولكنك حين تركن إلى كافر ناكر لمبدإ الإيمان فكل ركونك إليه محظور حيث لا مبدأ له صالحا يستحق به أن يركن إليه.
ذلك ، وقد يتلو الكافرين المكذبين بالإيمان ، الظالمون من هذه الأمة بمن فيهم الأشقى من جبابرة عاد وثمود ، بل والركون إليهم أظلم وأنكى وأطغى ، حيث يخيّل إلى البسطاء أنهم على حق بباطلهم فلهم ما يتطاولون في مظالمهم باسم العدل والإيمان.
وبصيغة أخرى النص عامّ يشمل كل الظالمين كافرين أو مسلمين ، فالركون إليهم ككلّ محظور كما الظلم نفسه ككل محظور ، ومسّ النار هو حسب دركات الظلم والركون.
ولا يعني الركون إلى الذين ظلموا كافة العلاقات الحيوية حتى تحرم كلّها فيحرم المسلمون أنفسهم من العشرة فيما بينهم ، وإنما هو الاعتماد على الظالمين ميلا إليهم أيّا كان الظالم وظلمه ، دون سائر العشرة غير المرتكنة ولا المعتمدة على الظالم أو على ظلمه ، كيف وقد وثق النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عند خروجه عن مكة إلى الغار برجل مشرك استأجر منه راحلة الطريق وائتمنه ليوافيه بها في الغار بعد ثلاثة أيام ، وكان يعامل الكفار سائر المعاملات المتعوّدة التي بها قوام المدنية الجمعية للإنسان أيا كان ، مع أنه لم يكن يركن إلى الذين ظلموا فيما يمس من كرامة الإيمان ، فالمحظور إذا هو «ركون مودة ونصيحة وطاعة» (١) وذلك المثلث هو مصداق صادق للركون المحظور ، دون سائر المعاملات والعلاقات التي لا تحمل مودة ونصيحة وطاعة ، بل قد تكون المودة محبورة غير محظورة حين لا تستجر مضرة ، بل وفيها منفعة لكتلة الإيمان ف : (لا يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ. إِنَّما يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ وَظاهَرُوا عَلى إِخْراجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (٦٠ : ٩).
__________________
(١) في تفسير القمي في الآية قال قال (عليه السلام): ركون مودة ونصيحة وطاعة.