(وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبالِ وَنادى نُوحٌ ابْنَهُ وَكانَ فِي مَعْزِلٍ يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا وَلا تَكُنْ مَعَ الْكافِرِينَ)(٤٢).
«وهي» الفلك المشحون (تَجْرِي بِهِمْ) هؤلاء المؤمنين معه ومن كل زوجين اثنين «في» خضم (مَوْجٍ كَالْجِبالِ) ـ وهي «كالجبال» المتحركة بهيبتها ـ قضية التطام هام عام للبحر المحيط على الأرض كلها (تَجْرِي بِأَعْيُنِنا جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ) (٥٤ : ١٤) (وَنادى نُوحٌ ابْنَهُ) الكافر (وَكانَ فِي مَعْزِلٍ) عن الفلك وعلّه عن الكافرين أيضا (يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا وَلا تَكُنْ مَعَ الْكافِرِينَ).
والهول هنا هولان اثنان ، هول في صامتة الطبيعة الهائجة المائجة ، وهول في النفس البشرية المارجة الفالجة ، فهما يلتقيان.
وتراه ناداه (وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبالِ) (ارْكَبْ مَعَنا) وكيف يركب معهم وقد أخذت الفلك تجري بهم في موج كالجبال»؟.
علّه يناديه في اللحظات الأخيرة من رجاء النجاة وهي اللحظات الأولى من جريها ولمّا تعلو علوا لا يمكن معه ركوبها بمدّ يد أم طنب ، أو بسبح له يمكنه للوصول إليها.
ولما ذا يناديه وهو كافر ومع الكافرين ، وليس في وعد النجاة إلّا أهله إلّا من سبق عليه القول ومن آمن ، وسابق القول يشمل إلى امرأته ابنه قضية الكفر المشترك بينهما ، فلا هو مؤمن ينجو معهم ، ولا هو من أهله الآهلين للنجاة حيث هم المؤمنون منهم دون الكافرين.
علّه كان يرجو إيمانه لمحة من الاستثناء الخاص (إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ) ولم يسبق القول صراحا إلا في امرأته كما في آية التحريم؟ ولكن ابنه مشمول ل (الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ)! إلا أنه يبقى احتمال خروجه عن ذلك الظلم بلمحة (إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ)؟ ولكن سبق القول هنا ليس إلّا على (الَّذِينَ ظَلَمُوا) حيث تعم الظلم من قومه إلى أهله والظالم فيهم امرأته وابنه ، وليس اختصاص سبق القول في خصوص امرأته ، سابقا في قصة نوح المحكية في القرآن كله ، ولا نحتمل ذلك الإختصاص بوحي