خاص لم يأت في القرآن ، لأنه اختصاص غالط يغلّط نوحا في ابنه ، ولكن امرأته مذكورة في (امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ) (٦٦ : ١٠).
أجل قد نتلمّح من : (وَكانَ فِي مَعْزِلٍ) أنه كان يفكر في أمره ، عازلا عن نوح والمؤمنين ، وعن الكافرين ، مما يؤيد كأنه متروّ في شكه ، وكما تلمّح إبراهيم (عليه السلام) من قول آزر : (وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا) فوعده الاستغفار واستغفر له ظنا منه أنه متروّ في ذلك المليّ.
أم علّه كان منافقا لا يبرز كفره لأبيه استجلابا لصالح الرحمة الأبوية ، وأن كونه مع الكافرين لا يعني كفره؟.
وقد يتأيد ذلك ب (ارْكَبْ مَعَنا وَلا تَكُنْ مَعَ الْكافِرِينَ) دون «من الكافرين» فالذي هو من الكافرين هو بطبيعة حاله يكون مع الكافرين.
وأما (أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ)؟ فقد لا تشمل ابنه لمكان «قومك» الظاهرة في غير الأقارب ، إضافة إلى وعد النجاة لأهله إلّا من سبق عليه القول ، وهو من أهله ولم يسبق عليه القول ، إضافة إلى انه قد يعنى «من قومه» في (أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ) أم بخروج امرأته خاصة لسبق القول عليها بخصوصها في آية (امْرَأَتَ نُوحٍ).
أو أنه رجى خروجه من الكفر دون تمام أم هو على أشراف الخروج ، إذا ف (لا تَكُنْ مَعَ الْكافِرِينَ) استنقاذ له من بينهم حتى يتخلص من كفرهم ، ولكنه رغم زعمه ذاك يسمع نداء كفره الآيس من إيمانه في تلك الحالة الخطرة :
(قالَ سَآوِي إِلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْماءِ قالَ لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ)(٤٣).
فيا حمقاه من ولد ويا عمقاه من ضلاله وكفره أنه يرى ذلك الموج العظيم الهضيم ولا يأوي إلى فلك النجاة ، فإنما «يرجو ليأوي إلى جبل يعصمه من الماء وكأن الموج يخاف جبله ، فجاء الجواب الحاسم