بمجراها ومرساها ، إنما هو اسم الله المعبر عنه ب (تَجْرِي بِأَعْيُنِنا) فأعين الله هي التي تجريها وترسيها ، ولكن عليكم أيضا أن تركبوها بسم الله وتحفظوا عن الغرق باسم الله ، فمنكم بعد الإيمان بالله بسم الله ، ومن الله (تَجْرِي بِأَعْيُنِنا) تجاوبا بين محاولة العبد ورحمة الله!.
ذلك ، وحين يفكر المؤمن في طلب معرفة الله بالدليل والحجة فقد جلس في سفينة التفكر والتدبر وقد علت أمواج الظلمات والضلالات تلك الجبال ، وصعدت إلى تلك القلال ، فإذا ابتدأت سفينة الفكرة بالحركة فهنالك التوكل على الله ، قولا باللسان والقلب والجنان : بسم الله مجراها ومرساها ، حتى تصل هذه السفينة إلى ساحل النجاة تخلصا عن أمواج الضلالات.
(إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ) ذنوبكم «رحيم» بكم إذ أنتم مؤمنون ، ثم لا يغفر ولا يرحم هؤلاء المكذبين بالرسالات.
وقد تعني (بِسْمِ اللهِ مَجْراها وَمُرْساها) ـ فيما عنت ـ أن قول نوح الربان لها (بِسْمِ اللهِ) يجريها ، وقوله (بِسْمِ اللهِ) يرسيها ، وطبعا بإذن الله ، فكما أن صنع الفلك كان (بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا) كذلك مجراها ومرساها كانا باسم الله.
ذلك وكما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «أمان لأمتي من الغرق إذا ركبوا السفن أن يقولوا : بسم الله الملك الرحمن بسم الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم وما قدروا الله حق قدره ..» (١).
__________________
(١) الدر المنثور ٣ : ٣٣٣ ـ أخرج أبو يعلي والطبراني وابن السنى وابن عدي وأبو الشيخ وابن مردويه عن الحسين بن علي (عليهما السلام) قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : ... وفي نور الثقلين ٢ : ٣٦٠ في الكافي عن علي بن أسباط قال قلت لأبي الحسن (عليه السلام) جعلت فداك ما ترى آخذ برا أو بحرا فان طريقنا مخوف شديد الخطر؟ فقال : أخرج برا ولا عليك أن تأتي مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وتصلي ركعتين في غير وقت فريضة ثم تستخير الله مائة مرة ومرة ثم تنظر فإن عزم الله لك على البحر فقل الذي قال الله عزّ وجلّ : (وَقالَ ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللهِ مَجْراها وَمُرْساها إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ).