سأل : (إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي) كما يأتي.
وكيف يتقدم هنا الدواب على المؤمنين ، وإيمانهم يقدّمهم على من سواهم وما سواهم؟ لأن الدواب لا تشعر بالخطر ، ولا بد لمن يحملها إلى الفلك ، ثم المؤمنون هم بأنفسهم يدخلون الفلك ، بعد ما أدخلوا هذه الدواب.
وهنا (ما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ) إيمانا معه بالله حيث هو المحور الأصيل في الإيمان ، والقلة كأنها هي الضابطة في كتلة الإيمان على مدار الزمن ، وكما في آيات عدة وروايات ، منها ما يروى عن علي أمير المؤمنين (عليه السلام) من قوله : «ولم يخل أرضه من عالم بما يحتاج الخليقة إليه ومتعلم على سبيل نجاة ، أولئك هم الأقلون عددا وقد بين الله ذلك من أمم الأنبياء وجعلهم مثلا لمن تأخر مثل قوله في قوم نوح (وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ) (١).
(وَقالَ ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللهِ مَجْراها وَمُرْساها إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ)(٤١).
(فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (٢٣ : ٢٨) «وقال» نوح (ارْكَبُوا فِيها) قولا لكلّ من زوجين اثنين عمليا ، ولمن آمن معه وأهله إلّا من سبق عليه القول أمرا ، فلم يقل لامرأته وابنه «اركبوا» حيث الظالمون كانوا من المغرقين.
(بِسْمِ اللهِ مَجْراها) جريا بزمانه ومكانه حيث المثلث مقصود بهذه الصيغة السائغة للجمع بين أضلاعه ، فبسم الله جريها وبسم الله زمان جريها ومكان جريها ، وكذلك «مرساها» إرساء بزمانه ومكانه ، وقد تتعلق كل من «اركبوا» و (مَجْراها وَمُرْساها) ب (بِسْمِ اللهِ) : اركبوا فيها بسم الله و (بِسْمِ اللهِ مَجْراها وَمُرْساها) فليست السفينة هي التي تنجيكم
__________________
(١) نور الثقلين ٢ : ٣٥٨ في الإحتجاج للطبرسي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) حديث طويل وفيه يقول: ..