الله ، أي : رعاية الله وحفظه.
وكيف هنا في صنع الفلك (بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا) وفي موسى (وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي)؟ قد يعني إفراد «عيني» في موسى عين الرحمة التربوية الرسالية ، وهنا في «أعيننا» عيون الرحمات التي تصنع فلك النجاة من كافة الجهات هندسة ومادة وحجما وثقلا ومقاومة للأمواج.
أجل (وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا ..) وكما (تَجْرِي بِأَعْيُنِنا جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ) (٥٤ : ١٤).
وقد يقال في زمن صنعه أنه خمسمائة عام ، ولكن كيف والله يقول «ووحينا» (١) وأعين الله ووحيه ليسا ليبطئا هكذا ، لا سيما حسب وحيه (أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ) فلما ذا ـ إذا ـ ذلك التأجيل الأجيل ، رغم أن قضية «لن» و (لا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً) هي التعجيل.
(وَاصْنَعِ الْفُلْكَ .. وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا) حيث كفروا وكذبوا ، فقد تقرر مسيرهم ومصيرهم وانتهى أمرنا فيهم كما دعوت وأجبناك ، فخطابي فيهم أيا كان محظور ، سواء أكان دعاء الهداية أو
__________________
(١) نور الثقلين ٢ : ٣٥٣ في روضة الكافي عن المفضل بن عمر قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) جعلت فداك في كم عمل نوح سفينته حتى فرغ منها؟ قال : في دورين ، قلت : وكم الدوران؟ قال : ثمانين سنة ، قلت : إن العامة يقولون : عملها في خمسمائة عام ، فقال : كلا كيف كان؟ والله يقول : «ووحينا» أقول : أصل الاستناد في ذلك الاستغراب ب «وحينا» صحيح ولكن الدورين وهما (٨٠) عاما حكمه حكم الخمسمائة في الإبطاء ، فقد يقال : صحيح أن (بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا) دليل السرعة في هندسة الفلك ولكن «اصنع» بالنسبة لنوح (عليه السلام) يبطئه ، والأصح هنا السكوت عما سكت الله عنه إلا ما يلمحه (أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ) و (لا يَلِدُوا ..) حيث يقربان زمن صنعه لأقرب زمن بالإمكان صناعة ذلك الفلك العظيم بزيادة أنها (بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا) وقد يكون أربعين عاما التي أعقم الله أصلاب رجالهم وأرحام نساءهم كما في خبر العياشي السالف عن الإمام الرضا (عليه السلام) تفسير القمي عن الإمام الصادق (عليه السلام).
وفي البحار ١١ : ٣٢٤ عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : صنعها في ثلاثين سنة ثم أمر أن يحمل فيها من كل زوجين ...