المغفرة أو النجاة من الغرق.
(وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّما مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَما تَسْخَرُونَ (٣٨) فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ)(٣٩).
نوح (عليه السلام) أخذ (يَصْنَعُ الْفُلْكَ) فور أمر الله ، ولكن أين؟ هل هو على شاطئ البحر؟ ولم يكن يسكن على شاطئ! ولا أنه يصنع ذلك الفلك لبحر! بل هو للطوفان الذي يجعل الكرة الأرضية بحرا ، فلذلك ، وأن صناعة الفلك ـ وإن كانت على شاطئ البحر ـ ليست لها صلة بالعذاب الموعود ف (كُلَّما مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ) : «ويقولون تعمل سفينة في البر وكيف تجري» (١).
وقد «جعلوا يضحكون ويسخرون ويقولون : قد قعد غرّاسا ، حتى إذا طال النخل وكان جبارا طوالا قطعه ثم نحته فقالوا : قد قعد نجارا ، ثم ألفه فجعله سفينة فمروا عليه يضحكون ويسخرون ويقولون : قد قعد ملاحا في فلاة من الأرض ، حتى فرغ منها» (٢).
فقد أخذوا يقولون ويتقولون ملأ أفواههم ساخرين منه منذ بزوغ دعوته حتى غرقهم ، فقبل أن يصنع الفلك كانوا يسخرون منه ، كيف يرسل ذلك الرجل الفقير ومعه أراذلنا بادي الرأي ، ومنذ أخذ في صناعة الفلك سخروا منه أنه تحول نجارا يصنع فلكا لكي يفلت منا ولكن لما ذا في الفلاة.
__________________
(١) الدر المنثور ٣ : ٣٢٧ عن عائشة قالت قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): كان نوح (عليه السلام) مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم إلى الله حتى كان آخر زمانه غرس شجرة فعظمت وذهبت كل مذهب ثم قطعها ثم جعل يعملها سفينة ويمرون عليه فيسألونه فيقول : اعملها سفينة فيسخرون منه ويقولون : تعمل سفينة في البر وكيف تجري؟! قال : سوف تعلمون.
(٢) نور الثقلين ٢ : ٣٥٥ في روضة الكافي عن أبي جعفر (عليهما السلام) قال : إن نوحا (عليه السلام) لما غرس النوى مر عليه قومه فجعلوا يضحكون ويسخرون ويقولون : ..