رسالي واجب التصديق؟ فهو جمع بين نقيضي واجب الإيمان والتصديق باستحالته!.
(أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ) يواجه نوحا والذين معه إخبارا عن حال هؤلاء الكفار ، وهم مكلفون بتصديق أنهم لن يؤمنوا ، مع تكليفهم أن يؤمنوا ، حيث الامتناع بالاختيار لا ينافي الإختيار.
فعلم الله بأنهم لن يؤمنوا كاشف قاطع أنهم لن يختاروا الإيمان ، فليس ذلك العلم سببا لعدم إيمانهم تسييرا ، إنما هو كاشف عنه ، ولو أنهم أم واحدا منهم آمن كان يعلم الله من ذي قبل أنه سوف يؤمن.
(وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ)(٣٧).
(فَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا فَإِذا جاءَ أَمْرُنا وَفارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ) (٢٣ : ٢٧).
وذلك أمر صارح بصناعة الفلك ، لا فقط تشريعيا ، بل و (بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا) فالمهندس في صناعة هذا الفلك هو الله ، والعامل هو رسول الله ، فما ظنك إذا بالزمن الذي يشغله ، والهيكل القويم الذي يحمله؟ إنه فلك رباني ما أحكمه بنية وما أقصره زمنا ، وما أيسره صنعا!.
ف «أعيننا» بجمعية الصفات ـ تعني أعين العلم والقدرة والرحمة ، ثم «ووحينا» في مواده وحجمه وشكله وقوامه وكل كيانه ، وصنع الفلك بأعين الله ووحيه لخضمّ الطوفان العام ، نجاة لنوح والمؤمنين معه ، إنه دون ريب صنع منقطع النظير ، فلا غرق أو انكسار لذلك الفلك حتى قضاء أمر الله.
أجل (وَاصْنَعِ الْفُلْكَ) ونحن نرعاك ونحفظك ، إذ ليست له سبحانه عين تلحظ أو لسان يلفظ ، وكما يقال : أنا بعين الله ، سر وعين الله ترعاك ، ومن كلامهم للظاعن المشيّع والحميم المودّع ، صحبتك عين