ثم (وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ) في زاويتين ، صغراها الإمام علي (عليه السلام) ما عاش زمنه وبعده ، وكبراها القرآن حيث ظل شاهدا من الله لرسالته الخالدة.
(وَمِنْ قَبْلُ) من قبله كتاب موسى «كأصل» إماما ورحمة ، وكفرع كتاب عيسى وسائر كتابات الوحي.
إذا فضمير الغائب في «منه» قد يرجع إلى الله فقط وهو في شاهد القرآن فإنه ليس إلا من الله ، أم إلى الله كأصل وإليه كفرع ، وهو في شاهد الإمام علي (عليه السلام) والأئمة من ولده المعصومين ، فطالما الثقل الأكبر مستمر بنفسه ، فالأصغر هو مستمر بصنيعه الذي هو كنفسه.
فقد انحصر (شاهِدٌ مِنْهُ) في القرآن وعلي ، وانحسر عن جبرئيل ومن أشبه ، والشاهدان هما المعنيان من (شاهِدٌ مِنْهُ) حيث يعنى منه جنس الشاهد ، وقد يملح الإفراد إلى أصل (شاهِدٌ مِنْهُ) وهو القرآن ، وآيات شهادة الله في قرآنه تشهد لعناية شاهد القرآن من (شاهِدٌ مِنْهُ) فليس تفسير (شاهِدٌ مِنْهُ) بالإمام علي (عليه السلام) إلا تبنيا لمصداق ثان هو تجسيد للشاهد الأول ، كما وان الرسول بينة من ربه كما القرآن لأنه هو القرآن!.
وإنما تأتي متواتر الروايات شاهدة على أن عليا (عليه السلام) هو (شاهِدٌ مِنْهُ) دون القرآن ، حيث الشهادة القرآنية ثابتة متفق عليها ، فهنا تعني الروايات إلحاق مصداق مختلف فيه بمصداق متفق عليه.
(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أُولئِكَ يُعْرَضُونَ عَلى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهادُ هؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ)(١٨).
(مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ) رسوليا أو رساليا ، أن ينسب إليه تعالى رسالة أو وحيا أو حكما بفرية ، وأظلمهم هو الجامع بين هذه الثلاث ، فرية على الله كذبا في ذلك المثلث ، وهو مأخوذ بأخذة ربانية قاسية قاضية في الأولى والآخرة ، فهنا : (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ. ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ ..) (٦٩ : ٤٦) قضية واجب الحفاظ على السفارة