التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً) (٤٨ : ٢٩).
ثم القرآن يعرّف نفسه بالهيمنة الطليقة على سائر كتابات الوحي : (وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِما أَنْزَلَ اللهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ. وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ عَمَّا جاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ ..) (٥ : ٤٨).
وبأنه مبشر به في زبر الأولين : (وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ. نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ. عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ. بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ. وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ. أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَماءُ بَنِي إِسْرائِيلَ) (٢٦ : ١٩٢ ـ ١٩٧).
هذه وعشرات أمثالها. الصريحة في استقلال وحي القرآن ، دونما استغلال سائر الوحي فيه ، وانه برسوله يفوق كل وحي وموحى إليه.
ذلك ، والقرآن يشهد بنفسه أنه أرقى بكثير من سائر كتابات السماء الأصيلة ، فضلا عن التحريفات والتناقضات الكثيرة التي تسربت إليها بأيدي التحريف والتجديف ، لحد وصلوها إلى مليون غلطا (١).
ذلك ، فقد (كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ) منذ كان فطيما حتى ابتعث ، وإلى أن ارتحل إلى جوار رحمة ربه ، بمثلث من البينات ، رأس زوايتها القرآن ، والأخريان نفسيته قبل الرسالة وبعدها.
__________________
(١) يقول «ياركز» في ج ٥ من تفسيره ، إن في التوراة والإنجيل ثلاثين ألف غلطا ، والقسيس ميل أوصلها إلى نيف ومائة ألف غلط وكما يقول كريسباج ، ويقول «شولز» إنها لا تحصى ، وفي دائرة المعارف البريطانية والفرنسية أنها زهاء مليون غلطا ، وقد اعترف بهذه الأغلاط والاختلافات علماء مثل : اكهارن ـ كيسر ـ هيس ـ ديوت ـ ويز ـ فرش (راجع كتابنا) المقارنات العلمية والكتابية بين الكتب السماوية تجد فيه قولا فصلا بهذا الصدد.