لِلْمُحْسِنِينَ) (٤٦ : ١٢) رغم أنهما تنديدان اثنان بالذين يكفرون بالقرآن (وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى) لهم (إِماماً وَرَحْمَةً) يدل في بشارات على صدق هذا القرآن ونبيه.
ثم الضمير في (مِنْ قَبْلِهِ) لا يرجع إلا إلى المذكور قبله فيهما وهو الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فقد كان على بينة من ربه إذ جاء (وَمِنْ قَبْلِهِ) قبل أن يأتي (كِتابُ مُوسى) بينة سابقة على صدقه (إِماماً وَرَحْمَةً) للذين هم به يؤمنون ، فقضية الإيمان بالتوراة الذي هو لهم إمام الائتمام بها في تصديق هذا الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بقرآنه المبين وتبيانه المتين.
فهو محفوف في هندسة هذه الرسالة الأخيرة بمثلث من البينات حاليا وماضيا ومستقبلا ، فهل أنتم بعد هذه البينات ممّن (يُؤْمِنُونَ بِهِ)؟ (وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ) كمثل الحداد في دعاياته المتكررة في كتاباته أن : «التوراة إمام القرآن .. وهو تفصيل وتعريب للكتاب المقدس ...».
ذلك ، وبالرغم من آيات بينات تقرر الرسول إماما على كافة النبيين : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي قالُوا أَقْرَرْنا قالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ) (٣ : ٨١).
وأنه شهيد الشهداء يوم يقوم الأشهاد : (وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنا بِكَ شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ) (١٦ : ٨٩).
وأن دينه ظاهر على الدين كله : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً. مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي