(هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ ما خَلَقَ اللهُ ذلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ).
هذه وما يتلوها من اختلاف الليل والنهار هي من شئون الربوبية البارزة ، و «الشمس» هنا هي هذه التي تشرق علينا نحن سكنة الأرض حيث الخطابات تخصنا ، أم تعني كل شمس وقمر للعالمين أيا كانوا في الأنجم الحية العاقلة المكلفة بأهليها.
هنا (الشَّمْسَ ضِياءً) مرة وسراجا أخرى تذكر بين (٣٢) مرة ، ثم (الْقَمَرَ نُوراً) بين (٢٦) مرة ، وفيها (وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً) (٧١ : ١٦) و (جَعَلَ فِيها سِراجاً وَقَمَراً مُنِيراً) فالشمس ضياء مرة وسراج مرتين ، والقمر نور ومنير في ثلاث ، فما هو الفرق بين الضياء والسراج وبين النور والمنير؟.
الضياء هو شدة النور كما السراج ، مهما اختلفت السرج في ضياءها ، ولكن النور هو مطلقها وهو في القمر وجاه الشمس نور ضعيف ولا سيما إذا كان من إضاءة الشمس حيث يتلألأ على ضوءها ، والنور على حد تعبير رسول النور (صلى الله عليه وآله وسلم): «تكلم ربنا بكلمتين فصارت إحداهما شمسا والأخرى قمرا وكانا من النور جميعا ويعودان إلى الجنة يوم القيامة» (١) إذا فالنور هي أعم من الضياء للشمس والنور للقمر ، والكلمتان هنا هما التكوينيتان.
ثم «قدره» القمر «منازل» هنا (لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ) وفي البقرة : (قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِ) (١٨٩).
فالمواقيت تعم عدد السنين والحساب حيث الحساب هو حساب السنين بالساعات والأيام والأسابيع والشهور.
__________________
(١) الدر المنثور ٣ : ٣٠٠ ـ اخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول :