(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُهُ بَياتاً أَوْ نَهاراً ما ذا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ)(٥٠).
ذلك العذاب الموعود الذي تتساءلون عن متاه هازئين ساخرين (أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتاكُمْ ..) فجأة «بياتا» : نائمين «أو نهارا» : يقظين (ما ذا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ) ء استعجالا له نفسه؟ ولا يستعجل العذاب أي ذي لب ولا حشرة! أم إيمانا عند رؤيته؟ : (١).
(أَثُمَّ إِذا ما وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ آلْآنَ وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ)(٥١).
فالإيمان عند وقوع العذاب وحاضره لا يفيد : (فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ. فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا سُنَّتَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ) (٤٠ : ٨٥).
ثم وهو عند فاعله القاضي على الكافرين ليس ليفيد لأنه خارج عن حياة التكليف أف «ء لئن» تؤمنون (وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ) مما يدل على أنه كذب ، تقولون ولا تؤمنون!.
(ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ)(٥٢).
وهذه الآية هي من عشرات الآيات الدالة على الحياة البرزخية حيث (ذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ) بعد عذاب الاستئصال في الدنيا ولمّا يأت دور عذاب الآخرة.
ولا يعني «الخلد» هنا إلّا ما دامت النار خالدة ، ولا تخلد إلّا قدر استحقاق العذاب ، وليس (إِلَّا بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ) وقد كسبوا سيئات محدودة بعدّتها وعدّتها وآثارها الفانية بفناء الدنيا ، فكيف يجزون لغير
__________________
(١) نور الثقلين ٢ : ٣٠٦ في تفسير القمي عن أبي جعفر (عليه السلام) في الآية : فهذا عذاب ينزل في آخر الزمان على فسقة أهل القبلة وهم يجحدون نزول العذاب عليهم.