يجيبهم إلى تطلبّهم ، ولكنه أجل جاء في علم الله بقضاء الله ، لا يعلمه أحد بمتاه حتى يستأخره أو يستقدمه.
وذلك الأجل فرديا أو جماعيا ، مسمّى أو معلقا ، لا يعني واقعه إذ لا معنى إذا لاستقدامه وقد جاء واقعه ، ولا لطلب تأخيره ، بل هو قضاءه (١) وقد فصلنا البحث حول الآجال في آياتها ولا سيما آية الأعراف (٣٤) والنحل (١٦) فلا نعيد إلّا أن أجل كلّ أمة هو أجل كيانها الزمني أو الرسالي دون كونها ، إذ لا يعهد لنا أمة جاء أجلهم عن بكرتهم اللهم إلا قوم نوح وفرعون وعاد وثمود ، وهنا (لِكُلِّ أُمَّةٍ) يحلّق الأجل على كل أمة ، فالقصد من الأجل هو الأعم من أجل الكون والكيان والجامع بينهما ، وقد عرفنا منهم أمما سكنت أجراسهم وخمدت أنفاسهم (فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) (٢٧ : ٥٢) (فَتَرَى الْقَوْمَ فِيها صَرْعى كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ. فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ) (٦٩ : ٨).
فالأجل قد ينتهي بالهلاك الحسي فرديا وجمعيا كما حصل لأفراد ولبعض الأمم الخالية ، أم بالهلاك المعنوي في كيانهم الزمني أو الروحي ، هلاك الهزيمة والضياع ، إما دائما أم مؤقتا ، وكل ذلك وفق مشيئة الله قضية آمالها وأعمالها دونما فوضى جزاف.
فالأمم التي تعيش أسباب الحياة وأساليبها الحقة هي حية دائبة ، والتي تنحرف عنها فتضعف أو تضمحل ، وتنجرف قدر انحرافها ، وليست الأمة الإسلامية خارجة عن هذه السنة الربانية العادلة الشاملة ، فإنما حياتها هي بإتباع رسولها برسالته الخالدة حتى تخلد بخلودها ، وكما قرر الله وقدر : (لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ وَلا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً) (٤ : ١٢٣).
__________________
(١) نور الثقلين ٢ : ٣٠٦ في تفسير العياشي عن حمران قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن هذه الآية قال : هو الذي سمى لملك الموت عليه في ليلة القدر.