(قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللهِ إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهذا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (٣٠ : ٥٦).
فحاسم الجواب وجاسمه أنه كان قلة قليلة بجنب الآخرة ، مهما كانت كثرة وافية لحياة التكليف ، فهم قد يقلّلونه بما يعللونه عذرا أنه ما كان يكفي لحياة التكليف قبل الموت ، أم إنه قليل بجنب حياة الجزاء بمجموع حياتي البرزخ والتكليف ، أم إن المسئول هو يوم البرزخ لمكان (يَوْمِ الْبَعْثِ) ، والله يصدقهم في أصل القلة على أية حال ، اللهم إلّا قلة غير وافية بحياة التكليف.
ذلك ، أفمن أجل ساعة أو بعض يوم أو يوم أو عشر من الليالي والسنين ، ألهذه الزهيدة العاجلة القصيرة ، التافهة الهزيلة ، ألهذه تتنافسون وتتطاحنون وترتكبون لأجلها ما ترتكبون فتبكون؟ إنها الحماقة الكبرى ، لا يرتكبها فيرتبك بها ذو حجى ، وعلى حد المروي عن رسول الهدي (صلى الله عليه وآله وسلم): «بئس ما اتجرتم في يوم أو بعض يوم ناري وسخطي ، امكثوا فيها خالدين» (١).
وترى كيف هو أحيانا في تخيلهم ليل وأخرى نهار ، ثم هو بين ساعة إلى عشر ليال أمّا هو؟.
علّهم يخلدون في نفس الزمن الذي توفوا فيه ليلا أو نهارا وكما عن الإمام علي أمير المؤمنين (عليه السلام): «لا يتعارفون لليل صباحا ولا لنهار مساء ، أي الجديدين ظعنوا فيه كان عليهم سرمدا» (٢).
(يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا) بزعمهم وحسبانهم (إِلَّا ساعَةً مِنَ النَّهارِ) حيث البرزخ أكثره نوم لمكان (يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا) (٣ : ٥٢) ثم هو قليل بجنب الآخرة لحد قد تحسب كساعة منها (يَتَعارَفُونَ بَيْنَهُمْ)
__________________
(١) الدر المنثور ٦ : ٢٧ ـ أخرجه ابن أبي حاتم عن أيفع بن عبد الكلاعي عنه (صلى الله عليه وآله وسلم): ..
(٢) السيد الشريف الرضي في نهج البلاغة عنه (عليه السلام) في توصيف الحالة البرزخية.