وكذا ما ورد في انتضاح ماء غسل الجنابة في الإناء من نفي البأس به مع الاستشهاد بقوله تعالى : (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)(١) ، لوضوح أن الحرج لا دخل له في الأمور الخارجية.
وما في رواية جابر في الطعام الذي تقع فيه الفأرة من النهي عن أكله ، حيث قال السائل : الفأرة أهون من أن أترك طعامي لأجلها ، فقال عليه السلام : «إنك لم تستخف بالفارة ، وإنما استخففت بدينك ، إن الله حرّم الميتة من كلّ شيء» (٢) ، بناء على أن المراد بالتحريم النجاسة لمناسبتها لمورد الرواية.
على أن ملاحظة موارد ثبوتهما تبعّد كونهما واقعيتين تكوينيتين لخصوصية في الجسم المعروض لهما ، وتقرّب كونهما اعتباريتين جعليتين تابعتين للملاكات المختلفة الملحوظة للشارع ولو كانت خارجة عن خصوصية الجسم ، كالتنفير والحرج ، فماء الاستنجاء طاهر أو لا ينجّس من بين الغسالات ، والدم المتخلّف في الذبيحة طاهر من بين دمائها ، وبعض الامور تطهر بالتعبية ، والكافر وما يلحق به قد اشتهر القول بنجاستهم عينا ، إلى غير ذلك.
هذا ، وقد ذكر بعض الأعيان المحققين (قدس سره) أن نجاسة ما يستقذر عرفا حقيقية واقعية ، بخلاف غيره ، حيث لا تكون نجاسته إلا ادعائية تنزيلية.
وهو كما ترى ـ مع مخالفته لظاهر الأدلة ـ يبتني :
__________________
(١) الوسائل ج ١ ، باب : ٩ من أبواب الماء المضاف ، حديث : ١ و ٥.
(٢) الوسائل ج ١ ، باب : ٥ من أبواب الماء المضاف ، حديث : ٢.