الحكم ، ومثلها في ذلك مطلق الظرف المكاني ، لأن الحكم وضعيا كان أو تكليفيا من الاعتباريات غير القابلة عرفا للتحديد بالمكان ، فإذا قيل : تجب على زيد الصلاة في المسجد أو السير إلى البصرة ، لا معنى لكون الوجوب مظروفا للمسجد ، أو محدودا بالبصرة.
إلّا أن ترجع الظرفية المكانية إلى الظرفية الزمانية بالإضافة إلى الحكم ، فيراد في المثالين ثبوته في زمان كون زيد في المسجد ، أو إلى زمان وصوله للبصرة لكنه مبتن على عناية وتقدير محتاج للقرينة.
وبدونها يتعين البناء على تقييد الموضوع وهو ـ في المثالين ـ الصلاة والسير مع إطلاق الحكم.
ومثله ما إذا كانت الغاية جزءاً من موضوع متعلق الحكم ، كالمرافق والكعبين في قوله تعالى : (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ)(١).
لوضوح أن موضوع المتعلق من شئونه ، لا من شئون حكمه ، ولذا تقدم منا رجوعها لبا للمتعلق.
وأما الغاية الزمانية فهي كسائر الظروف الزمانية تصلح لتقييد كل من الحكم والموضوع.
لكنها إنما ترجع للمعاني الاسمية الحدثية المنتسبة ، لا لنفس النسب ، فإذا كان الحكم مستفادا من الهيئة ، كما في قولنا : صم يوم الجمعة ، أو إلى الليل تعين رجوع الظرف للمتعلق الذي هو الموضوع ، وهو الصوم بما هو صادر من المكلف ، لا لوجوبه ، لأن الدال على الوجوب ليس إلّا الهيئة المتمحضة في
__________________
(١) سورة المائدة : ٦.