نعم ، لا بد من غرض عقلائي مصحح لانتزاع المفهوم الاعتباري والبناء عليه في عالم الاعتبار ، بعد فرض عدم التقرر له في الخارج. والظاهر أن الغرض منه تنظيم الأحكام والآثار العملية التابعة لمن بيده الاعتبار من شرع أو عرف ، وكما كان له جعل الأحكام ، كان له اختراع الموضوع فيها لتنظيمها. لكن لا بمعنى تقوم مفهوم الأمر الاعتباري بخصوص بعض الأحكام ، ليلزم ارتفاعه بارتفاعها ، بل بمعنى كون اعتباره لأجل تحديد الموضوع الصالح لها ، ليسهل تنظيمها ، وإن لم تشرع في بعض موارده لفقده بعض شروطها.
وبما ذكرنا يظهر ضعف ما ذكره بعض الأعاظم (قدس سره) في بعض الامور الاعتبارية من أنها من مراتب بعض الأمور الحقيقية ، فإنه بعد أن ذكر أن الملكية من الامور الاعتبارية ذكر أنه يمكن أن يقال : إنها من سنخ الملكية الحقيقية ، فإنّ حقيقة الملكية هي الواجدية ، والسلطنة ، والإحاطة على الشيء ، وهي ذات مراتب أقواها واجديته تعالى لما خلقه ، ثم واجدية أوليائه التي هي من مراتب واجديته ، ثم واجدية المالك بالملكية الاعتبارية ، ثم واجدية المحاط عليه بالمحيط خارجا ، كواجدية الانسان لما يلبسه من ثيابه.
وجه الضعف : أن اختلاف الأمر الحقيقي والاعتباري سنخا وأثرا ، تبعا لاختلاف سنخ علتيهما مانع من البناء على كون أحدهما من مراتب الأخر.
نعم ، قد يتشابهان في بعض الآثار ، فكما أن له تعالى التصرف في مخلوقاته فإنّ للمالك التصرف في مملوكاته.
لكن الأوّل عقلي ، تبعا لخصوصية ذاته تعالى وتأثيره في مخلوقاته ، والثاني تابع لجعل الشارع إطلاقا أو تقييدا.