كما ربما يمنع من تحقق التقرب وصحة العبادة مع الأخيرين ، بل نسب للمشهور ، وعن السيد رضي الدين بن طاوس القطع به ، وعن قواعد الشهيد نسبته إلى قطع الأصحاب أو أكثرهم ، وعن الرازي اتفاق المتكلمين عليه ، وعن العلامة في جواب المسائل المهنائية اتفاق العدلية على عدم استحقاق الثواب معهما.
هذا ، ولا ينبغي التأمل في أن المعيار في المقربية عند العرف قصد ملاك المحبوبية للمتقرب منه بما هو كذلك ، وهو عبارة عن الجهة الموجبة لمحبوبية الفعل أو الترك لمن يراد التقرب منه ، وهي أسبق مرتبة من أمره وعلة له ، وقد تستكشف تارة به ، واخرى بغيره ، كما لو تعذر الأمر منه لعجز أو غفلة أو غيرهما.
لكن لا بد من فعلية الملاك بحيث يبلغ مرتبة استتباع الإرادة والخطاب لو لا المانع.
وأما ما ذكره بعض الأعاظم (قدس سره) من أن جميع الدواعي القربيّة في عرض واحد ، وأن الجامع بين الجميع كون العمل لله سبحانه ، كما يستفاد من قوله (عليه السلام) : «وكان عمله بنية صالحة يقصد بها ربه».
فيدفعه : أن إضافة العمل لله سبحانه بحيث يحسب عليه إنما تصح مع ملاحظة نحو علاقة له به ، والظاهر أن العلاقة المصححة له ما ذكرنا من كونه واجدا لملاك المحبوبية ، فلا بد من قصده.
إن قلت : هذا لا يناسب ما سبق في بيان حقيقة الأحكام التكليفية من انتزاع التكليف من الإرادة التشريعية التي هي منتزعة من الخطاب بداعي جعل السبيل وجعل مقتضاه في حساب المخاطب منتسبا إليه ، والتي سبق أنها مباينة