والثاني عدم اطراد استعمال كل لفظ بلحاظ كل علاقة مجازية.
ويبطلهما معا ما هو المعلوم من عدم توقف اختيارهم للعلاقة المجازية أو موردها على سبق الاستعمال عند أهل اللسان بنحو يتحقق معه الوضع ، بل كلما كانت المعاني مخترعة مبتدعة للمستعمل كان [مجليا].
ويبطل الثالث ما سبق من عدم وجود واضع خاص في غالب الألفاظ ، وعدم صدور الترخيص المذكور ممن يتصدى للوضع في مثل الأعلام الشخصية والماهيات المخترعة ، بل ليس المدار إلا على مقتضى طبع المستعملين وأذواقهم. ولذا اشترك في كثير من العلاقات أهل اللغات المختلفة.
نعم ، بناء على ابتناء الاستعمالات المجازية على ادعاء دخول المستعمل فيه في المعنى الموضوع له ـ كما عن السكاكي ـ تكون مبنية على الوضع للمعنى الحقيقي ، لا خروجا عليه ، ويكون الطبع والذوق مصححا للجري على الادعاء المذكور ، فيخرج عن محل الكلام.
ومنها : الاستعمالات التابعة لظروف خاصة بين بعض المتخاطبين ، التي يخرجون فيها عن قانون أهل الكلام لدواع تخصّهم ، وظروف تحيط بهم ، حيث لا يعاب ذلك بعد أن يتأدى به البيان ، ويحصل به الغرض الأعم ، وإن لم يجر على الوضع ولا على ملاحظة العلاقات المجازية.
ومنها : استعمال اللفظ وإرادة اللفظ دون المعنى في مثل قولنا : (ضرب) فعل ماض ، و (من) حرف جر ، فإنه لا يبتني على وضعها لذلك ، ولا على استعمالها فيه مجازا ، لعدم العلاقة المصححة لذلك ، بل محض الجري على مقتضى الإنسان في تأدية مقاصده بما يتيسر له من بيان. وإن كان الوقت يضيق عن تحقيق حاله وتفصيله.