التأمل في موارد استعمالها ، وإن ضاق الوقت عن استقصائها.
واذا ثبت عدم ملازمة اتصاف الكلام بالصدق والكذب لكون معاني الأدوات إخطارية ، بل يمكن مع كونها إيجادية ، فلا طريق لإثبات إخطارية المعنى في جميع الحروف والهيات ، بل ربما تكون إيجادية ، بأن تكون جميعا أدوات لتحقيق نحو من النسبة الكلامية اعتبارا ، وإيجاد الربط الكلامي في مقام البيان ، وإن كان الغرض منها بيان الواقع الخارجي ، وحال أطراف القضية بعضها مع بعض في الخارج ، الذي هو المصحح لاعتبار النسبة الكلامية المجعولة بالأدوات عند أهل البيان بمقتضى ارتكازياتهم ، ومعيارا في الصدق والكذب بنظرهم.
وعلى هذا أصرّ بعض الأعاظم (قدس سره).
ولعله الأقرب ، كما يناسبه ما هو المعلوم من إمكان بيان الواقع الواحد بصور مختلفة ، وبأكثر من نسبة واحدة مختلفة المفاد ، من دون اختلاف فيما يبين بها من واقع ، فكما يصح أن يقال : (سرت من البصرة) ـ مثلا ـ يصحّ أن يقال : (كان سيري من البصرة) و (مبدأ سيري البصرة) و (بدأت بالسير من البصرة) ، وكما تقول : (سافر زيد) ، تقول : (تحقق السفر من زيد) و (تحقق سفر زيد).
فلولا أنّ النسب اعتبارات محضة لا تتقيد بواقع واحد لكان المناسب عدم الحكاية عن الواقع الواحد إلا بنسبة واحدة ، وإن اختلفت ألفاظها من باب الترادف ، لا بنسب مختلفة ، كما تقدم.
كما يناسب ما ذكرنا ـ أيضا ـ ما هو المحسوس بالوجدان من عدم أداء الحروف والهيات لمعانيها إلا في مقام استعمالها في تركيب كلامي ، بخلاف