وكذبه مطابقته للخارج بتحققه في عالمه وعدمها ، كأكثر حروف الجر وحروف الشرط والحصر ونحوها ، والهيات الكلاميّة الدالة على النسب التامة ، كهيئة الجملة الاسمية والفعلية غير الطلبية ـ والناقصة ـ كالإضافة والحال والتمييز وغيرها ـ وهيئات المفردات الاشتقاقية ، لأنها وإن لم تتصف بنفسها بالصدق والكذب ، إلا أنها لما كانت قيودا في النسب التامة المتصفة بهما ، كان وجود المطابق الخارجي لها وعدمه دخيلين في مطابقة تلك النسب للخارج وعدمه وفي صدقها وكذبها ، وهو يستلزم تقرر مفاد تلك النسب مع قطع النظر عن الكلام ـ.
ومن ثم قد تتجه دعوى : أن معاني تلك الحروف والهيات إخطارية.
ويقع الكلام حينئذ في أنها كلية أو جزئية ، وأن وضعها من القسم الثاني أو الثالث ، بعد معلومية عدم كونه من القسم الأول.
وقد يستدل على كلّيتها : بصلوحها للحكاية عمّا لم يقع من النسب في القضايا المستقبلة ونحوها مع وضوح انطباقه على أكثر من وجه واحد وعدم أخذ خصوصية فردية فيه ، لتبعية التشخص للوجود ، وذلك راجع إلى كلية مفاهيمها وانطباقها على كثيرين ، فكما يكون السير في قولنا : سر من البصرة إلى الكوفة ، كليا فلتكن نسبته للبصرة المستفادة من (من) ونسبته لفاعله المستفادة من هيئة الفعل كليتين أيضا.
وتشخص مؤداها من النسب وجزئيته فيما لو كان موجودا في القضايا الحالية والماضية ـ كما في قولنا : سرت من البصرة ـ إنما هو لملازمة الوجود للتشخص ، لا لأخذ الخصوصية الشخصية في المفهوم ، لوضوح عدم اختلاف مفادها في القضايا المذكورة مع مفادها في القضايا المستقبلة ونحوها.