ما أوحي إليك. ومفهوم الموصول أن ما لم يوح إليه لا يتلوه ، وهو ما اقترحوا أن يقوله في الثناء عليهم وإعطائهم شطرا من التصويب.
والتلاوة : القراءة. وقد تقدم عند قوله تعالى : (وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ) في سورة البقرة [١٠٢] وقوله : (وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً) في الأنفال [٢].
والملتحد : اسم مكان ميمي يجيء على زنة اسم المفعول من فعله. والملتحد : مكان الالتحاد ، والالتحاد : الميل إلى جانب. وجاء بصيغة الافتعال لأن أصله تكلف الميل.
ويفهم من صيغة التكلف أنه مفر من مكروه يتكلف الخائف أن يأوي إليه ، فلذلك كان الملتحد بمعنى الملجأ. والمعنى : لن تجد شيئا ينجيك من عقابه. والمقصود من هذا تأييسهم مما طمعوا فيه.
(وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَاتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً (٢٨))
(وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا).
هذا من ذيول الجواب عن مسألتهم عن أهل الكهف ، فهو مشارك لقوله : (وَاتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتابِ) [الكهف : ٢٧]. الآية وتقدم في سورة الأنعام [٥٢] عند قوله تعالى : (وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ) أن سادة المشركين كانوا زعموا أنه لو لا أن من المؤمنين ناسا أهل خصاصة في الدنيا وأرقاء لا يدانوهم ولا يستأهلون الجلوس معهم لأتوا إلى مجالسة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم واستمعوا القرآن ، فاقترحوا عليه أن يطردهم من حوله إذا غشية سادة قريش ، فرد الله عليهم بما في سورة الأنعام وما في هذه السورة.
وما هنا آكد إذ أمره بملازمتهم بقوله : (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ) ، أي احبسها معهم حبس ملازمة. والصبر : الشد بالمكان بحيث لا يفارقه. ومنه سميت المصبورة وهي الدابة تشد لتجعل غرضا للرمي. ولتضمين فعل (اصبر) معنى الملازمة علق به ظرف (مع).