الكذب.
هذا إذا جعل القول المأخوذ من (يَقُولُونَ) خصوص قولهم : (اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً) [الكهف : ٤]. ولك أن تحمل (يَقُولُونَ) على العموم في سياق النفي ، أي لا يصدر منهم قول إلا الكذب ، فيكون قصرا إضافيا ، أي ما يقولونه في القرآن والإسلام ، أو ما يقولونه من معتقداتهم المخالف لما جاء به الإسلام فتكون جملة إن (يَقُولُونَ) تذييلا.
(فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً (٦))
تفريع على جملة (وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً) [الكهف : ٤] باعتبارهم مكذبين كافرين بقرينة مقابلة المؤمنين بهم في قوله : (وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ) [الكهف : ٢] ثم قوله : (وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً) [الكهف : ٤].
و (لعل) حقيقتها إنشاء الرجاء والتوقع ، وتستعمل في الإنكار والتحذير على طريقة المجاز المرسل لأنهما لا زمان لتوقع الأمر المكروه.
وهي هنا مستعملة في تحذير الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ من الاغتمام والحزن على عدم إيمان من لم يؤمنوا من قومه. وذلك في معنى التسلية لقلة الاكتراث بهم.
والباخع : قاتل نفسه ، كذا فسره ابن عباس ومجاهد والسدّي وابن جبير. وفسره البخاري بمهلك. وتفسيره يرجع إلى أبي عبيدة.
وفي اشتقاقه خلاف ، فقيل مشتق من البخاع بالباء الموحدة (بوزن كتاب) وهو عرق مستبطن في القفا فإذا بلغ الذابح البخاع فذلك أعمق الذبح ، قاله الزمخشري في قوله تعالى : (لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ) في سورة الشعراء [٣] وانفرد الزمخشري بذكر هذا الاشتقاق في «الكشاف» و «الفائق» و «الأساس». قال ابن الأثير في «النهاية» : «بحثت في كتب اللغة والطب فلم أجد البخاع بالموحدة» يعني أن الزمخشري انفرد بهذا الاشتقاق وبإثبات البخاع اسما لهذا العرق. قلت : كفى بالزمخشري حجة فيما أثبته. وقد تبعه عليه المطرزي في «المغرب» وصاحب «القاموس». فالبخع : أصله أن يبلغ الذابح بالذبح إلى القفا ثم أطلق على القتل المشوب بغيظ.
والآثار : جمع أثر وهو ما يؤثره ، أي يبقيه الماشي أو الراكب في الرمل أو الأرض من مواطئ أقدامه وأخفاف راحلته. والأثر أيضا ما يبقيه أهل الدار إذا ترحلوا عنها من