اضطهاد الرومان القرطاجنيين لهم.
ويجوز أن يكون لأهل كلتا الملتين اليهودية والنصرانية خبرا عن قوم من صالحيهم عرفوا بأهل الكهف أو كانوا جماعة واحدة ادعى أهل كلتا الملتين خبرها لصالحي ملته ، وبني على ذلك اختلاف في تسمية البلاد التي كان بها كهفهم.
قال السهيلي في «الروض الأنف» : وأصحاب الكهف من أمة عجمية والنصارى يعرفون حديثهم ويؤرخون به ا ه. وقد تقدم طرف من هذا عند تفسير قوله تعالى : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ) في سورة الإسراء [٨٥].
(إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقالُوا رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً (١٠))
(إذ) ظرف مضاف إلى الجملة بعده ، وهو متعلق ب (كانُوا) [الكهف : ٩] فتكون هذه الجملة متصلة بالتي قبلها.
ويجوز كون الظرف متعلقا بفعل محذوف تقديره : اذكر ، فتكون مستأنفة استئنافا بيانيا للجملة التي قبلها. وأيا ما كان فالمقصود إجمال قصتهم ابتداء ، تنبيها على أن قصتهم ليست أعجب آيات الله ، مع التنبيه على أن ما أكرمهم الله به من العناية إنما كان تأييدا لهم لأجل إيمانهم ، فلذلك عطف عليه قوله : (فَقالُوا رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً).
وأوى أويا إلى المكان : جعله مسكنا له ، فالمكان : المأوى. وقد تقدم عند قوله تعالى : (أُولئِكَ مَأْواهُمُ النَّارُ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) في سورة يونس [٨].
والفتية : جمع قلة لفتى ، وهو الشاب المكتمل. وتقدم عند قوله تعالى في سورة يوسف. والمراد بالفتية : أصحاب الكهف. وهذا من الإظهار في مقام الإضمار لأن مقتضى الظاهر أن يقال : إذ أووا ، فعدل عن ذلك لما يدل عليه لفظ الفتية من كونهم أترابا متقاربي السن. وذكرهم بهذا الوصف للإيماء إلى ما فيه من اكتمال خلق الرجولية المعبر عنه بالفتوة الجامع لمعنى سداد الرأي ، وثبات الجأش ، والدفاع عن الحق ، ولذلك عدل عن الإضمار فلم يقل : إذ أووا إلى الكهف.
ودلت الفاء في جملة (فَقالُوا) على أنهم لما أووا إلى الكهف بادروا بالابتهال إلى الله.