مخالطتهم. ومعنى اعتزال ما يعبدون : التباعد عن عبادة الأصنام.
والاستثناء في قوله : (إِلَّا اللهَ) منقطع لأن الله تعالى لم يكن يعبده القوم.
والفاء للتفريع على جملة (وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ) باعتبار إفادتها معنى : اعتزلتم دينهم اعتزالا اعتقاديا ، فيقدر بعدها جملة نحو : اعتزلوهم اعتزال مفارقة فأووا إلى الكهف ، أو يقدر : وإذ اعتزلتم دينهم يعذبونكم فأووا إلى الكهف. وجوز الفراء أن تضمن (إذ) معنى الشرط ويكون (فَأْوُوا) جوابها. وعلى الشرط يتعين أن يكون (اعْتَزَلْتُمُوهُمْ) مستعملا في إرادة الاعتزال.
والأوي تقدم آنفا ، أي فاسكنوا الكهف.
والتعريف في (الْكَهْفِ) يجوز أن يكون تعريف العهد ، بأن كان الكهف معهودا عندهم يتعبدون فيه من قبل. ويجوز أن يكون تعريف الحقيقة مثل (وَأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ) [يوسف : ١٣] ، أي فأووا إلى كهف من الكهوف. وعلى هذا الاحتمال يكون إشارة منهم إلى سنة النصارى التي ذكرناها في أول هذه الآيات ، أو عادة المضطهدين من اليهود كما ارتأيناه هنالك.
ونشر الرحمة : توفر تعلقها بالمرحومين. شبه تعليق الصفة المتكرر بنشر الثوب في أنه لا يبقي من الثوب شيئا مخفيا ، كما شبه بالبسط وشبه ضده بالطيّ وبالقبض.
والمرفق ـ بفتح الميم وكسر الفاء ـ : ما يرتفق به وينتفع. وبذلك قرأ نافع وابن عامر وأبو جعفر ، ـ وبكسر الميم وفتح الفاء ـ وبه قرأ الباقون.
وتهيئته مستعارة للإكرام به والعناية ، تشبيها بتهيئة القرى للضيف المعتنى به. وجزم (يَنْشُرْ) في جواب الأمر. وهو مبني على الثقة بالرجاء والدعاء. وساقوه مساق الحاصل لشدة ثقتهم بلطف ربهم بالمؤمنين.
(وَتَرَى الشَّمْسَ إِذا طَلَعَتْ تَزاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَإِذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذاتَ الشِّمالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذلِكَ مِنْ آياتِ اللهِ مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً (١٧))
(وَتَرَى الشَّمْسَ إِذا طَلَعَتْ تَزاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَإِذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذاتَ الشِّمالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ).