إِلَّا بِالْحَقِ) ، (وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) ، (وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ) [الإسراء : ٢٣ ـ ٣٥] إيماء إلى أن هذا الدين سيكون دينا يحكم في الناس وتنفذ أحكامه.
والمسجد الأقصى هو ثاني مسجد بناه إبراهيم ـ عليهالسلام ـ كما ورد ذلك عن النبيصلىاللهعليهوسلم. ففي «الصحيحين» عن أبي ذر قال : «قلت يا رسول الله أي مسجد وضع في الأرض أول؟ قال المسجد الحرام. قلت : ثم أي؟ قال : المسجد الأقصى. قلت كم بينهما؟ قال أربعون سنة».
فهذا الخبر قد بين أن المسجد الأقصى من بناء إبراهيم لأنه حدد بمدة هي من مدة حياة إبراهيم ـ عليهالسلام ـ. وقد قرن ذكره بذكر المسجد الحرام.
وهذا مما أهمل أهل الكتاب ذكره. وهو مما خصّ الله نبيئه بمعرفته. والتوراة تشهد له ، فقد جاء في سفر التكوين في الإصحاح الثاني عشر : أن إبراهيم لما دخل أرض كنعان (وهي بلاد فلسطين) نصب خيمته في الجبل شرقي بيت إيل (بيت إيل مدينة على بعد أحد عشر ميلا من أورشليم إلى الشمال وهو بلد كان اسمه عند الفلسطينيين (لوزا) فسماه يعقوب : بيت إيل ، كما في الإصحاح الثامن والعشرين من سفر التكوين) وغربي بلاد عاي (مدينة عبرانية تعرف الآن «الطيبة») وبنى هنالك مذبحا للرب.
وهم يطلقون المذبح على المسجد لأنهم يذبحون القرابين في مساجدهم. قال عمر بن أبي ربيعة :
دمية عند راهب قسيس |
|
صوروها في مذبح المحراب |
أي مكان المذبح من المسجد ، لأن المحراب هو محل التعبد ، قال تعالى : (وَهُوَ قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ) [آل عمران : ٣٩].
ولا شك أن مسجد إبراهيم هو الموضع الذي توخى داود ـ عليهالسلام ـ أن يضع عليه الخيمة وأن يبني عليه محرابه أو أوحى الله إليه بذلك ، وهو الذي أوصى ابنه سليمان ـ عليهالسلام ـ أن يبني عليه المسجد ، أي الهيكل. وقد ذكر مؤرخو العبرانيين ومنهم (يوسيفوس) أن الجبل الذي سكنه إبراهيم بأرض كنعان اسمه (نابو) وأنه هو الجبل الذي ابتنى عليه سليمان الهيكل وهو المسجد الذي به الصخرة.
وقصة بناء سليمان إياه مفصلة في سفر الملوك الأول من أسفار التوراة.