ينقطع.
وجملة (وَما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً) اعتراض أو تذييل ، وعطاء ربك جنس العطاء ، والمحظور : الممنوع ، أي ما كان ممنوعا بالمرة بل لكل مخلوق نصيب منه.
(انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً (٢١))
لما كان العطاء المبذول للفريقين هو عطاء الدنيا وكان الناس مفضلين فيه على وجه يدركون حكمته لفت الله لذلك نظر نبيه ـ عليه الصلاة والسلام ـ لفت اعتبار وتدبر ، ثم ذكّره بأن عطاء الآخرة أعظم عطاء ، وقد فضل الله به المؤمنين.
والأمر بالنظر موجه إلى النبي صلىاللهعليهوسلم ترفيعا في درجات علمه ويحصل به توجيه العبرة إلى غيره.
والنظر حقيقته توجه آلة الحس البصري إلى المبصر. وقد شاع في كلام العرب استعماله في النظر المصحوب بالتدبر وتكرير مشاهدة أشياء في غرض ما ، فيقوم مقام الظن ويستعمل استعماله بهذا الاعتبار ، ولذلك شاع إطلاق النظر في علم الكلام على الفكر المؤدي إلى علم أو ظن ، وهو هنا كذلك. وقد تقدم نظيره في قوله تعالى : (انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ) في [النساء : ٥٠].
و (كيف) اسم استفهام مستعمل في التنبيه ، وهو معلّق فعل (انظر) عن العمل في المفعولين. والمراد التفضيل في عطاء الدنيا ، لأنه الذي يدركه التأمل والنظر وبقرينة مقابلته بقوله : (وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ).
والمقصود من هذا التنظير التنبيه إلى أن عطاء الدنيا غير منوط بصلاح الأعمال ؛ ألا ترى إلى ما فيه من تفاضل بين أهل العمل المتحد ، وقد يفضل المسلم فيه الكافر ، ويفضل الكافر المسلم ، ويفضل بعض المسلمين بعضا ، وبعض الكفرة بعضا ، وكفاك بذلك هاديا إلى أن مناط عطاء الدنيا أسباب ليست من وادي العمل الصالح ولا مما يساق إلى النفوس الخيرة.
ونصب (دَرَجاتٍ) و (تَفْضِيلاً) على التمييز لنسبة (أَكْبَرُ) في الموضعين ، والمفضل عليه هو عطاء الدنيا.