والباء في (بِما كَفَرْتُمْ) للسببية. و (ما) مصدرية ، أي بكفركم ، أي شرككم.
و (ثم) للترتيب الرتبي كشأنها في عطفها الجمل. وهو ارتقاء في التهديد بعدم وجود منقذ لهم ، بعد تهديدهم بالغرق لأن الغريق قد يجد منقذا.
والتبيع : مبالغة في التابع ، أي المتتبع غيره المطالب لاقتضاء شيء منه. أي لا تجدوا من يسعى إليه ولا من يطالب لكم بثأر.
ووصف (تبيع) يناسب حال الضر الذي يلحقهم في البحر ، لأن البحر لا يصل إليه رجال قبيلة القوم وأولياؤهم ، فلو راموا الثأر لهم لركبوا البحر ليتابعوا آثار من ألحق بهم ضرا. فلذلك قيل هنا (تَبِيعاً) وقيل في التي قبلها (وَكِيلاً) كما تقدم.
وضمير (بِهِ) عائد إما إلى الإغراق المفهوم من (فَيُغْرِقَكُمْ) ، وإما إلى المذكور من إرسال القاصف وغيره.
وقرأ الجمهور ألفاظ (يَخْسِفَ) و (يُرْسِلَ) و (يُعِيدَكُمْ) و (فَيُرْسِلَ) و (فَيُغْرِقَكُمْ) خمستها بالياء التحتية. وقرأها ابن كثير وأبو عمرو ـ بنون العظمة ـ على الالتفات من ضمير الغيبة الذي في قوله : (فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ) إلى ضمير التكلم. وقرأ أبو جعفر ورويس عن يعقوب فتغرقكم بمثناة فوقية. والضمير عائد إلى (الرِّيحِ) على اعتبار التأنيث ، أو على الرياح على قراءة أبي جعفر.
(وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً (٧٠))
اعتراض جاء بمناسبة العبرة والمنة على المشركين ، فاعترض بذكر نعمة على جميع الناس فأشبه التذييل لأنه ذكر به ما يشمل ما تقدم.
والمراد ببني آدم جميع النوع ، فالأوصاف المثبتة هنا إنما هي أحكام للنوع من حيث هو كما هو شأن الأحكام التي تسند إلى الجماعات.
وقد جمعت الآية خمس منن : التكريم ، وتسخير المراكب في البر ، وتسخير المراكب في البحر ، والرزق من الطيبات ، والتفضيل على كثير من المخلوقات.
فأما منة التكريم فهي مزية خص بها الله بني آدم من بين سائر المخلوقات الأرضية.