سلبه. فذكره أدخل في التنبيه على الشكر والتحذير من الغرور.
والوكيل : من يوكل إليه المهم. والمراد به هنا المدافع عنك والشفيع لك. ولما فيه من معنى الغلبة عدي ب (على). ولما فيه من معنى التعهد والمطالبة عدي إلى المردود بالباء ، أي متعهدا بالذي أوحينا إليك. ومعنى التعهد : به التعهد باسترجاعه ، لأنه في مقابلة قوله : (لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) ، ولأن التعهد لا يكون بذات شيء بل بحال من أحواله فجرى ، الكلام على الإيجاز.
وذكر هنا (وَكِيلاً) وفي الآية قبلها (نَصِيراً) لأن معنى هذه على فرض سلب نعمة الاصطفاء ، فالمطالبة بإرجاع النعمة شفاعة ووكالة عنه ، وأما الآية قبلها فهي في فرض إلحاق عقوبة به ، فمدافعة تلك العقوبة أو الثأر بها نصر.
والاستثناء في قوله : (إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ) منقطع فحرف الاستثناء فيه بمعنى الاستدراك. وهو استدراك على ما اقتضاه فعل الشرط من توقع ذلك ، أي لكن رحمة من ربك نفت مشيئة الذهاب بالذي أوحينا إليك فهو باق غير مذهوب به.
وهذا إيماء إلى بقاء القرآن وحفظه ، قال تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) [الحجر : ٩].
وموقع (إِنَّ فَضْلَهُ كانَ عَلَيْكَ كَبِيراً) موقع التعليل للاستثناء المنقطع ، أي لكن رحمة من ربك منعت تعلق المشيئة بإذهاب الذي أوحينا إليك ، لأن فضله كان عليك كبيرا فلا يحرمك فضل الذي أوحاه إليك. وزيادة فعل (كان) لتوكيد الجملة زيادة على توكيدها بحرف التوكيد المستعمل في معنى التعليل والتفريع.
(قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً (٨٨))
استئناف للزيادة في الامتنان. وهو استئناف بياني لمضمون جملة (إِنَّ فَضْلَهُ كانَ عَلَيْكَ كَبِيراً) [الإسراء : ٨٧]. وافتتاحه ب (قل) للاهتمام به. وهذا تنويه بشرف القرآن فكان هذا التنويه امتنانا على الذين آمنوا به وهم الذين كان لهم شفاء ورحمة ، وتحديا بالعجز على الإتيان بمثله للذين أعرضوا عنه وهم الذين لا يزيدهم إلا خسارا.
واللام موطئة للقسم.