ولأن خبر الإسراء به إلى بيت المقدس قد شاع بين المسلمين وشاع إنكاره بين المشركين ، فصار المراد (بِعَبْدِهِ) معلوما.
والإضافة إضافة تشريف لا إضافة تعريف لأن وصف العبودية لله متحقق لسائر المخلوقات فلا تفيد إضافته تعريفا.
والمسجد الحرام هو الكعبة والفناء المحيط بالكعبة بمكة المتخذ للعبادة المتعلقة بالكعبة من طواف بها واعتكاف عندها وصلاة.
وأصل المسجد : أنه اسم مكان السجود. وأصل الحرام : الأمر الممنوع ، لأنه مشتق من الحرم ـ بفتح فسكون ـ وهو المنع ، وهو يرادف الحرم. فوصف الشيء بالحرام يكون بمعنى أنه ممنوع استعماله استعمالا يناسبه ، نحو (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) [المائدة : ٣] أي أكل الميتة ، وقول عنترة :
حرمت علي وليتها لم تحرم
أي ممنوع قربانها لأنها زوجة أبيه وذلك مذموم بينهم.
ويكون بمعنى الممنوع من أن يعمل فيه عمل ما. ويبين بذكر المتعلق الذي يتعلق به. وقد لا يذكر متعلّقة إذا دل عليه العرف ، ومنه قولهم : (الشَّهْرُ الْحَرامُ)[البقرة : ١٩٤] أي الحرام فيه القتال في عرفهم. وقد يحذف المتعلق لقصد التكثير ، فهو من الحذف للتعميم فيرجع إلى العموم العرفي ، ففي نحو (الْبَيْتَ الْحَرامَ) [المائدة : ٢] يراد الممنوع من عدوان المعتدين ، وغزو الملوك والفاتحين ، وعمل الظلم والسوء فيه.
والحرام : فعال بمعنى مفعول ، كقولهم : امرأة حصان ، أي ممنوعة بعفافها عن الناس.
فالمسجد الحرام هو المكان المعد للسجود ، أي للصلاة ، وهو الكعبة والفناء المجعول حرما لها. وهو يختلف سعة وضيقا باختلاف العصور من كثرة الناس فيه للطواف والاعتكاف والصلاة.
وقد بنى قريش في زمن الجاهلية بيوتهم حول المسجد الحرام. وجعل قصي بقربه دار الندوة لقريش وكانوا يجلسون فيها حول الكعبة ، فانحصر لما أحاطت به بيوت عشائر قريش. وكانت كل عشيرة تتخذ بيوتها متجاورة. ومجموع البيوت يسمى شعبا ـ بكسر