فيلحقها كلها بالناصب ، وينزع سنخ المؤمن وطينته مع حسناته وأبواب من بره واجتهاده من الناصب فيلحقها كلها بالمؤمن افترى هاهنا ظلما أو عدوانا؟ قلت : لا يا بن رسول الله ، قال : هذا والله القضاء الفاصل والحكم القاطع والعدل البين لا يسأل عما يفعل وهم يسألون هذا يا إبراهيم ، الحق من ربك ولا تكن من الممترين ، هذا من حكم الملكوت قلت : يا بن رسول الله وما حكم الملكوت؟ قال : حكم الله وحكم أنبيائه ، وقصة الخضر وموسى عليهماالسلام حين استصحبه ، فقال : (إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً) افهم يا إبراهيم واعقل. أنكر موسى على الخضر واستفظع أفعاله (١) حتى قال له الخضر : يا موسى (ما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي) انما فعلته عن أمر الله عزوجل ، من هذا ، ويحك يا إبراهيم قرآن يتلى واخبار تؤثر عن الله عزوجل من رد منها حرفا فقد كفروا شرك ورد على الله عزوجل.
قال الليثي : فكأني لم اعقل الآيات وانا أقرأها أربعين سنة الا ذلك اليوم. فقلت : يا ابن رسول الله ما أعجب هذا تؤخذ حسنات أعدائكم فترد على شيعتكم وتؤخذ سيئات محبيكم فترد على مبغضيكم؟ قال : اي والله الذي لا اله الا هو فالق الحبة وبارئ النسمة وفاطر الأرض والسماء ، ما أخبرتك ولا أنبأتك الا بالصدق ، وما ظلمهم الله وما الله بظلام للعبيد ، وان ما أخبرتك لموجود في القرآن كله قلت : هذا بعينه ، يوجد في القران؟ قال : نعم يوجد في أكثر من ثلاثين موضعا في القرآن ، أتحب ان اقرء ذلك عليك قلت : بلى يا ابن رسول الله فقال : قال الله عزوجل : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنا وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ وَما هُمْ بِحامِلِينَ مِنْ خَطاياهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالاً مَعَ أَثْقالِهِمْ) الآية أزيدك يا إبراهيم؟ قلت : بلى يا ابن رسول الله. قال : (لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ). أتحب ان أزيدك؟ قلت : بلى يا ابن رسول الله قال : (فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً)
__________________
(١) استفظع الأمر : وجده فظيعا شنيعا.