إماما لمن اقتدى به ، ولقد قام صلىاللهعليهوآله عشر سنين على أطراف أصابعه حتى تورمت قدماه واصفر وجهه ، يقوم الليل اجمع حتى عوتب في ذلك فقال الله عزوجل : (طه ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى) بل لتسعد به ولقد كان يبكى حتى يغشى عليه ، فقيل له : يا رسول الله أليس الله عزوجل قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال : بلى أفلا أكون عبدا شكورا ، ولئن سارت الجبال وسبحت معه لقد عمل لمحمد صلىاللهعليهوآله ما هو أفضل من هذا إذ كنا معه على جبل حراء إذ تحرك الجبل فقال له : قر فانه ليس عليك الا نبي أو صديق شهيد (١) فقر الجبل مجيبا لأمره ومنتهيا الى طاعته ، ولقد مررنا معه بجبل وإذا الدموع تجري من بعضه ، فقال له : ما يبكيك يا جبل؟ فقال : يا رسول الله كان المسيح مر بى وهو يخوف الناس بنار وقودها الناس والحجارة وأنا أخاف أن أكون من تلك الحجارة قال له : لا تخف تلك حجارة الكبريت. فقر الجبل وسكن وهدأ (٢) وأجاب لقوله قال له اليهودي : فهذا داود عليهالسلام : قد لين الله عزوجل له الحديد قد يعمل منه الدروع قال له على عليهالسلام : لقد كان كذلك ومحمد صلىاللهعليهوآله أعطى ما هو أفضل من هذا؟ لين الله عزوجل له الصم الصخور الصلاب وجعلها غارا ولقد غارت الصخرة تحت يده ببيت المقدس لينة حتى صارت كهيئة العجين ، قد رأينا ذلك والتمسناه تحت رايته. (٣)
__________________
ـ اى حنين من الجوف بالخاء المعجمة وهو صوت البكاء ، وقيل : هو أن يجيش جوفه ويغلي بالبكاء «انتهى» والمرجل كنبر : القدر. والأثافي : لا حجار يوضع عليها القدر.
(١) كذا في النسخ لكن في المصدر والمنقول عنه في البحار «الا نبي وصديق شهيد» بالواو بدل «أو».
(٢) هدأ بمعنى سكن أيضا.
(٣) الغار : الغبار. ذكره ابن منظور وغيره في مادة «غور» وقال المجلسي (ره) : قوله عليهالسلام وجعلها غارا يدل على انه صلىاللهعليهوآله ليلة الغار أحدث الغار ودخل فيه ولم يكن ثمة غار ، وأما صخرة بيت المقدس فكان ليلة المعراج واما قوله عليهالسلام : قد رأينا ذلك والتمسناه تحت رايته اى رأينا تحت رايته عليه الصلاة والسلام أمثال ذلك كثيرا والمراد بالراية العلامة اى راى بعض الصحابة ذلك تحت علامته في بيت المقدس ، ويلوح لي ان فيه ـ