وقوله «فان تتابع المرض عليه» في مقابلة ذلك يعنى وان لم يتمكن أولا من القضاء. والحاصل ان ههنا ثلاثة احتمالات ولكل حكم غير حكم الآخر : أحدها ـ عدم تمكنه من الصيام أصلا حتى أدركه الشهر من قابل ، وحكمه التصدق خاصة دون القضاء. والثاني ـ تمكنه منه وتهاونه به الى أن يفوت ، وحكمه القضاء والتصدق معا. والثالث ـ تمكنه منه وعزمه عليه مع سعة الوقت من غير تهاون حتى أدركه مرض آخر حال بينه وبين القضاء حتى أدركه الشهر من قابل ، وحكمه القضاء خاصة دون التصدق. وهذا الخبر مشتمل على الأحكام الثلاثة جميعا وكذا الذي يتلوه بخلاف سائر أخبار هذا الباب حيث اقتصر فيها على بعض دون بعض. انتهى.
وبذلك يظهر لك ما في استدلال صاحب المدارك بخبر ابى الصباح الكناني المذكور حيث أورد بعضه وسكت عن باقيه الذي هو موضع الاشكال منه.
وأشار في الوافي بالخبر الذي يتلوه الى ما رواه الشيخ عن ابى بصير عن ابى عبد الله عليهالسلام (١) قال : «إذا مرض الرجل من رمضان الى رمضان ثم صح فإنما عليه لكل يوم أفطر فدية طعام وهو مد لكل مسكين. قال : وكذلك أيضا في كفارة اليمين وكفارة الظهار مدا مدا. وان صح في ما بين الرمضانين فإنما عليه أن يقضى الصيام ، فان تهاون به وقد صح فعليه الصدقة والصيام جميعا لكل يوم مد إذا فرغ من ذلك الرمضان».
أقول : ما ذكره (قدسسره) في رواية أبي الصباح الكناني لا يخلو من قرب واما رواية أبي بصير التي أشار إليها فظني انها قاصرة عن ما ادعاه ، فان موضع الدلالة على ما ذكره منها قوله «وان صح في ما بين الرمضانين فإنما عليه أن يقضى الصيام» بحمل القضاء على كونه بعد الرمضان الثاني ، ومن المحتمل قريبا ـ بل الظاهر أنه الأقرب ـ ان المراد إنما هو قضاؤه في وقت الصحة بين الرمضانين ، وحاصل معنى الرواية حينئذ انه ان استمر به المرض الى الرمضان الآخر فإنما عليه الفدية عن
__________________
(١) الوسائل الباب ٢٥ من أحكام شهر رمضان.