وبذلك يظهر ان جميع ما ذكروه من الأبحاث في النية في كتاب الصيام وكتاب الصلاة وكتاب الطهارة ونحوها من ما لا أثر يترتب عليه ولا حاجة تلجئ اليه بل هو من باب «اسكتوا عن ما سكت الله عنه» (١).
وكلامهم في جميع هذه المواضع كلها يدور على النية التي اصطلحوا عليها وهي الكلام النفسي والتصوير الفكري الذي قدمنا ذكره وقد عرفت انه ليس هو النية حقيقة.
الرابع ـ انه لا يقع في شهر رمضان صوم غير الصوم الواجب فيه بالأصالة فلو نوى غيره واجبا كان أو ندبا فإنه لا يقع ، وهل يجزئ عن شهر رمضان أم لا؟
والخلاف هنا وقع في موضعين أحدهما ـ انه هل يقع في شهر رمضان صوم غيره أم لا؟ المشهور الثاني.
فعلى هذا لو أراد المسافر صومه ندبا بناء على جواز الصوم المندوب في السفر أو واجبا بالنذر كما إذا قيده بالحضر والسفر لم يكن له ذلك :
أما أولا ـ فلأن العبادات توقيفية متلقاة من الشارع فيتوقف جواز ذلك على النقل وليس فليس فيكون فعله بدعة محرمة.
واما ثانيا ـ فلما رواه الشيخ عن الحسن بن بسام الجمال عن رجل (٢) قال : «كنت مع أبى عبد الله عليهالسلام في ما بين مكة والمدينة في شعبان وهو صائم ثم رأينا هلال شهر رمضان فأفطر قلت له جعلت فداك أمس كان من شعبان وأنت صائم واليوم من شهر رمضان وأنت مفطر؟ فقال : ان ذلك تطوع ولنا أن نفعل ما شئنا وهذا فرض فليس لنا أن نفعل إلا ما أمرنا».
وما رواه عن إسماعيل بن سهل عن رجل (٣) قال : «خرج أبو عبد الله عليهالسلام من المدينة في أيام بقين من شهر شعبان وكان يصوم ثم دخل عليه شهر رمضان وهو
__________________
(١) أورده بهذا اللفظ القضاعي في الشهاب في حرف الالف.
(٢ و ٣) الوسائل الباب ١٢ ممن يصح منه الصوم.