وبالجملة فإنه متى الغى حجية اخبار العدلين فكيف يتمسك بالأصل وعدم وجود الدليل على القضاء في صورة اخبار العدلين أو العدل والحال ان أخبارهما عنده ليس بحجة بل هو في حكم العدم؟ ولا شك انه متى الغى أخبارهما رجع أكله إلى استصحاب الليل وقد ثبت وجوب القضاء بذلك.
والأصح ما ذكره المحقق المذكور ومن تبعه من الاعتماد على اخبار العدلين بل العدل الواحد أيضا ، فإن المستفاد من الأخبار الاعتماد على خبر العدل الثقة في الأمور المطلوب فيها العلم فليكن هذا منها.
ومن الاخبار المذكورة ما رواه الشيخ عن إسحاق بن عمار (١) قال : «سألته عن رجل كانت له عندي دنانير وكان مريضا فقال لي ان حدث بي حدث فأعط فلانا عشرين دينارا وأعط أخي بقية الدنانير. فمات ولم أشهد موته فأتاني رجل مسلم صادق فقال لي انه أمرني أن أقول لك : انظر الدنانير التي أمرتك أن تدفعها الى أخي فتصدق منها بعشرة دنانير اقسمها في المسلمين. ولم يعلم أخوه ان عندي شيئا؟ فقال ارى ان تصدق منها بعشرة دنانير كما قال». وفيه دلالة على ثبوت الوصية بقول الثقة.
وما رواه الشيخ في التهذيب بسند فيه العبيدي ـ والصدوق بسنده الى ابن أبى عمير عن هشام بن سالم ـ عن أبى عبد الله عليهالسلام (٢) في حديث قال عليهالسلام فيه «ان الوكيل إذا وكل ثم قام عن المجلس فأمره ماض ابدا والوكالة ثابتة حتى يبلغه العزل عن الوكالة بثقة يبلغه أو يشافه بالعزل عن الوكالة».
والأصحاب (رضوان الله عليهم) قد صرحوا في هذا الموضع بأنه لا ينعزل إلا مع العلم وحينئذ فالخبر مؤذن بان اخبار الثقة مفيد للعلم.
ونحو ذلك ايضا ما ورد في الاخبار من جواز وطء الأمة بغير استبراء إذا
__________________
(١) الوسائل الباب ٩٧ من الوصايا ، والرواية عن ابى عبد الله (ع).
(٢) الوسائل الباب ٢ من الوكالة.