احتجوا على الحكم المذكور بإطلاق النهي عن المباشرة في الآية الكريمة (١) وهي لغة عبارة عن إلصاق البشرة بالبشرة وهي ظاهر الجلد ، خرج منه المباشرة بما عدا الوطء في القبل والدبر لعدم الدليل على التحريم فيه بل دلالة الأدلة على الجواز فيبقى الباقي ، ومتى ثبت التحريم كان مفسدا للصوم بالإجماع المركب فيثبت القضاء والكفارة. ولا يخفى ما في هذا الاستدلال من الوهن والاختلال.
والتحقيق أن يقال : ان المباشرة وان كانت لغة ما ذكر إلا ان المراد في الآية إنما هو الجماع والجماع وان صدق على الوطء في الدبر إلا ان الفرد المتكرر الذي ينصرف إليه الإطلاق إنما هو الجماع في القبل وصدقه في المقام على الوطء في الدبر محل اشكال. وأشكل من ذلك الاستناد إلى الإجماع المركب في تتمة الاستدلال بالآية.
وبالجملة فإني لا أعرف لذلك دليلا بالنسبة إلى التحريم والى إيجاب القضاء والكفارة إلا اتفاقهم على الحكم المذكور ولعله كاف مع عدم وجود دليل يناقضه سيما مع موافقته للاحتياط.
وأيد بعضهم الاستدلال بالآية بالأخبار التي قدمناها (٢) من حيث صدق الجماع فيها على الوطء في الدبر.
وفيه ما عرفت من ان الفرد الشائع المتكثر المأمور به في الاخبار انما هو الجماع في القبل واما الآخر فهو مع كونه منهيا عنه نادر الوقوع والإطلاق انما ينصرف الى الافراد الشائعة المتكثرة.
ولعل منشأ تردد الشيخ في المبسوط في هذه المسألة هو عدم الدليل الصريح على الحكم المذكور مع ما رواه في الصحيح عن احمد بن محمد عن بعض الكوفيين
__________________
(١) وهي قوله تعالى في سورة البقرة الآية ٨٤ : «فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا ما كَتَبَ اللهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ ...».
(٢) ص ١٠٧.