إن النهى انما هو عن أناس مخصوصين ، ولا ريب ان رأس المنافقين الذي نزلت فيه سورة المنافقين هو عبد الله المذكور.
على ان حديث الحسين (عليهالسلام) غير صريح ولا ظاهر في كونه صلى عليه الصلاة المعهودة وانما تضمن انه دعا عليه ، فان قوله «فلما ان كبر عليه وليه قال الحسين (عليهالسلام) الله أكبر اللهم العن فلانا. الى آخره» ظاهر في انه دعا عليه في أول تكبيرة ثم لم يزل يكرر ذلك في كل تكبيرة.
وبالجملة فإنك قد عرفت مما قدمنا ذكره في المطلب الأول ان المخالف لا يصلى عليه إلا ان تلجئ التقية الى ذلك ، وحينئذ فمتى صلى عليه فهو مخير بين الدعاء عليه بعد كل تكبيرة ـ كما هو ظاهر خبر الحسين (عليهالسلام) بالتقريب الذي ذكرناه ، وعليه يحمل ما بعده ايضا من خبري الحلبي ومحمد بن مسلم فإنهما ظاهران في الإطلاق ـ وبين الدعاء بعد الرابعة كما هو صريح عبارة كتاب الفقه الرضوي. وأما روايتا أم سلمة وإسماعيل بن همام (١) فقد عرفت انهما مخصوصتان بمنافقى أهل زمانه (صلىاللهعليهوآله) لأجل تأليف الناس ، مع ان الخبرين ليس فيهما دعاء له ولا عليه. والله العالم.
الخامس ـ روى الصدوق في كتاب العلل بسنده عن ابى بصير (٢) قال : «قلت لأبي عبد الله (عليهالسلام) لأي علة تكبر على الميت خمس تكبيرات ويكبر مخالفونا اربع تكبيرات؟ قال لأن الدعائم التي بنى عليها الإسلام خمس : الصلاة والزكاة والصوم والحج والولاية لنا أهل البيت ، فجعل الله للميت من كل دعامة تكبيرة ، وانكم أقررتم بالخمس كلها وأقر مخالفوكم بأربع وأنكروا واحدة ، فمن ذلك يكبرون على موتاهم أربع تكبيرات وتكبرون خمسا».
وروى في كتاب عيون الأخبار بسنده عن الحسن بن النضر (٣) قال : «قال الرضا (عليهالسلام) ما العلة في التكبير على الميت خمس تكبيرات؟ قلت رووا انها
__________________
(١) ص ٤٠٢ و ٤٠٣.
(٢ و ٣) الوسائل الباب ٥ من صلاة الجنازة.